التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ جَعَلۡنَا بَيۡنَكَ وَبَيۡنَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ حِجَابٗا مَّسۡتُورٗا} (45)

قوله تعالى { وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا }

قال الحافظ ابن حجر : روى البزار بإسناد حسن عن ابن عباس قال : لما نزلت تبت يدا أبي لهب جاءت امرأة أبي لهب ، فقال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم : " لو تنحيت ، قال إنه سيحال بيني وبينها ، فأقبلت فقالت : يا أبا بكر هجاني صاحبك قال : لا ورب هذه البنية ، ما ينطق بالشعر ولا يفوه به ، قالت : إنك لمصدق ، فلما ولت قال أبو بكر : ما رأتك ، قال : ما زال ملك يسترني حتى ولت .

وأخرجه الحميدي وأبو يعلى وابن أبي حاتم من حديث أسماء بنت أبي بكر بنحوه ( فتح الباري8/738 ) .

وهذا حديث أسماء : قال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا أبو موسى الهروي إسحاق بن إبراهيم حدثنا سفيان ، عن الوليد بن كثير ، عن يزيد بن تدرس ، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت : لما نزلت { تبت يدا أبي لهب } . جاءت العوراء أم جميل ولها ولولة والولولة : البلبلة والدعاء بالويل ، وفي يدها فهر وهي تقول : مذمما أتينا -أو : أبينا ، قال أبو موسى : الشك مني-ودينه قلينا ، وأمره عصينا ، ورسول الله جالس ، وأبو بكر إلى جنبه- أو قال : معه- قال : فقال أبو بكر : لقد أقبلت هذه وأنا خائف أن تراك ، فقال : إنها لن تراني ، وقرأ قرآنا اعتصم به منها : " وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا " . قال : فجاءت حتى قامت على أبي بكر ، فلم تر النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا أبا بكر ، بلغني أن صاحبك هجاني ، فقال أبو بكر : لا ورب هذا البيت ما هجاك ، قال : فانصرفت وهي تقول : لقد علمت قريش أني بنت سيدها أ . ه .

ذكره ابن كثير ، وأخرجه الحاكم من طريق بشر بن موسى الحميدي عن سفيان به ، وصححه ووافقه الذهبي . ( المستدرك2/362 ) .

قال الشيخ الشنقيطي : في هذه الآية الكريمة وجهان من التفسير :

الأول : أن المعنى وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا أي حائلا وستارا من تفهم القرآن وإدراكه لئلا يفقهون فينتفعوا به وعلى هذا القول -فالحجاب المستور هو ما حجب الله به قلوبهم عن الانتفاع بكتابه والآيات الشاهدة لهذا المعنى كثيرة كقوله : { وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون } وقوله { ختم الله على قلوبهم } الآية وقوله { إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه } الآية إلى غير ذلك من الآيات وممن قال بهذا القول في معنى الآية : قتادة والزجاج وغيرهما الوجه الثاني في الآية -أن المراد بالحجاب المستور أن الله يستره عن أعين الكفار فلا يرونه ، أ . ه . ثم استدل بحديث أسماء المتقدم .

أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى { حجابا مستورا } قال : هي الأكنة .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله : { وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا } الحجاب المستور أكنة على قلوبهم أن يفقهوه وأن ينتفعوا به أطاعوا الشيطان فاستحوذ عليهم .