جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَجَٰوَزۡنَا بِبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱلۡبَحۡرَ فَأَتَوۡاْ عَلَىٰ قَوۡمٖ يَعۡكُفُونَ عَلَىٰٓ أَصۡنَامٖ لَّهُمۡۚ قَالُواْ يَٰمُوسَى ٱجۡعَل لَّنَآ إِلَٰهٗا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةٞۚ قَالَ إِنَّكُمۡ قَوۡمٞ تَجۡهَلُونَ} (138)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَجَاوَزْنَا بِبَنِيَ إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَىَ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىَ أَصْنَامٍ لّهُمْ قَالُواْ يَمُوسَىَ اجْعَلْ لّنَآ إِلََهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } . .

يقول تعالى ذكره : وقطعنا ببني إسرائيل البحر بعد الاَيات التي أريناهموها والعبر التي عاينوها على يدي نبيّ الله موسى ، فلم تزجرهم تلك الاَيات ولم تعظهم تلك العبر والبينات حتى قالوا مع معاينتهم من الحجج ما يحقّ أن يذكر معها البهائم ، إذ مرّوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ، يقومون على مثل لهم يعبدونها من دون الله ، اجعل لنا يا موسى إلها ، يقول : مثالاً نعبده وصنما نتخذه إلها ، كما لهؤلاء القوم أصنام يعبدونها ، ولا تنبغي العبادة لشيء سوى الله الواحد القهار . وقال موسى صلوات الله عليه : إنكم أيها القوم قوم تجهلون عظمة الله وواجب حقه عليكم ، ولا تعلمون أنه لا تجوز العبادة لشيء سوى الله الذي له ملك السموات والأرض .

وذكر عن ابن جريج في ذلك ما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج : وَجاوَزْنا بِبَنِي إسْرَائِيلَ البَحْرَ فأتَوْا على قَوْمٍ يَعْكُفُونَ على أصْنامٍ لَهُمْ قال ابن جريج : على أصنام لهم ، قال : تماثيل بقر ، فلما كان عجل السامريّ شبه لهم أنه من تلك البقر ، فذلك كان أوّل شأن العجل قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إلَها كمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قال إنّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ .

وقيل : إن القوم الذين كانوا عكوفا على أصنام لهم ، الذين ذكرهم الله في هذه الاَية ، قوم كانوا من لخم . ذكر من قال ذلك .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا بشر بن عمرو ، قال : حدثنا العباس بن المفضل ، عن أبي العوّام ، عن قتادة : فَأتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ على أصْنامٍ لَهُمْ قال : على لخم ، وقيل إنهم كانوا من الكنعانيين الذين أُمر موسى عليه السلام بقتالهم .

وقد حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الزهري أن أبا واقد الليثي ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبَل حنين ، فمررنا بِسْدرَة ، قلت : يا نبيّ الله اجعل لنا هذه ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة يعكفون حولها . فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «اللّهُ أكْبَرُ هَذَا كمَا قالَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ لِمُوسَى : اجْعَلْ لَنا إلَها كمَا لَهمْ آلهَةٌ ، إنّكُمْ سَترْكَبُونَ سُنَنَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ » .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهريّ ، عن سنان ابن أبي سنان ، عن واقد الليثي ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين ، فمررنا بسدرة ، فقلنا : يا نبيّ الله اجعل لنا هذه ذات أنواط ، فذكر نحوه .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن سنان ابن أبي سنان ، عن أبي واقد الليثي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نحوه .

حدثنا ابن صالح ، قال : ثني الليث ، قال : ثني عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني سنان بن أبي سنان الديلي ، عن أبي واقد الليثي : أنهم خرجوا من مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ، قال : وكان للكفار سدرة يعكفون عندها ويعلقون بها أسلحتهم ، يقال لها ذات أنواط قال : فمررنا بسدرة خضراء عظيمة ، قال : فقلنا يا رسول الله : اجعل لنا ذات أنواط قال : «قُلْتُمْ وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ما قالَ قَوْمُ مِوسَى : اجْعَلْ لَنا إلَها كمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ، قالَ إنّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ أنّها السّنَنُ لَترْكَبُنّ سُننَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ » .