فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَجَٰوَزۡنَا بِبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱلۡبَحۡرَ فَأَتَوۡاْ عَلَىٰ قَوۡمٖ يَعۡكُفُونَ عَلَىٰٓ أَصۡنَامٖ لَّهُمۡۚ قَالُواْ يَٰمُوسَى ٱجۡعَل لَّنَآ إِلَٰهٗا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةٞۚ قَالَ إِنَّكُمۡ قَوۡمٞ تَجۡهَلُونَ} (138)

قوله : { وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إسرائيل البحر } جزناه بهم وقطعناه . وقرئ «جوزنا » بالتشديد ، وهو بمعنى قراءة الجمهور { فَأَتَوْاْ على قَوْمٍ يَعْكُفُونَ على أَصْنَامٍ لَّهُمْ } قرأ حمزة والكسائي { يعكفون } بكسر الكاف ، وقرأ الباقون بضمها . يقال عكف يعكف ، ويعكف بمعنى أقام على الشيء ولزمه ، والمصدر منها عكوف . قيل : هؤلاء القوم الذين آتاهم بنو إسرائيل هم من لخم كانوا نازلين بالرقة ، كانت أصنامهم تماثيل بقر . وقيل : كانوا من الكنعانيين { قَالُواْ } أي بنو إسرائيل عند مشاهدتهم لتلك التماثيل { يا موسى اجعل لَّنَا إلها } أي صنماً نعبده كائناً كالذي لهؤلاء القوم ، فالكاف متعلق بمحذوف وقع صفة لإلهاً ، فأجاب عليهم موسى ، و{ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } وصفهم بالجهل ، لأنهم قد شاهدوا من آيات الله ما يزجر من له أدنى علم عن طلب عبادة غير الله . ولكن هؤلاء القوم ، أعني بني إسرائيل ، أشد خلق الله عناداً وجهلاً وتلوّناً . وقد سلف في سورة البقرة بيان ما جرى منهم من ذلك .

/خ141