الآية 138 وقوله تعالى : { وجاوزنا ببني إسرائيل البحر } دل هذا على أن لله في فعل العباد [ صنعا وفعلا حين ]{[8873]} أضاف ، ونسب المجاوزة إلى نفسه ، وهم الذين جاوزوا البحر . دل [ أنه له ]{[8874]} في فعلهم صنعا{[8875]} . وهذا ينقض على المعتزلة [ قولهم حين ]{[8876]} أنكروا خلق أفعال العباد ، وبالله المعونة والعصمة .
وقوله تعالى : { فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم } العكوف هو المقام والدوام . وقوله تعالى : { يعكفون على أصنام لهم } أي
وجدوهم{[8877]} عكوفا على عبادة الأصنام مقيمين على ذلك .
وقوله تعالى : { قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة } يشبه أن يكون سؤالهم إلها يعبدونه لا على الكفر بربهم والتكذيب لرسوله ، ولكن لما لم يروا أنفسهم أهلا لعبادة الله والخدمة له لما رأوا في الشاهد أنه لا يخدم الملوك إلا الخواص لهم والمقرّبون إليهم ، ومن بعد منهم يخدم خواصّهم .
فعلى ذلك هؤلاء سألوا موسى إلها يعبدونه لما لم يروا أنفسهم أهلا لعبادة الله والخدمة له لتقرّبهم عبادة تلك الأصنام إلى الله . ويخرج ذلك مخرج التعظيم لله والتبجيل لا على الكفر وصرف العبادة عنه إلى غيره . وكذلك كان عادة العرب أنهم يعبدون الأصنام لتقرّبهم عبادتها إلى الله زلفى .
وكذلك ما ذكر في بعض القصة أن فرعون كان يتخذ لقومه أصناما يعبدونها لتقرّبهم عبادة تلك الأصنام إليه زلفى .
فعلى ذلك سؤال هؤلاء لموسى : { اجعل لنا إلها } والله أعلم . أو كان سؤالهم ذلك لما لم يروا في الشاهد أحدا يخدم إلا لحاجة تقع له إلى ذلك ، فرأوا أن الله يتعالى أن يعبد ، ويخدم للحاجة ؟ ويخدمون القادة والرسل ، ويعبدونهم لما رأوا [ أنهم ]{[8878]} ينالون من النعم وأنواع المنافع من الرؤساء والكبراء . لذلك كانوا يخدمونهم .
وأما أهل التوحيد فإنهم لا يرون العبادة لغير الله لأنه ما من أحد ، وإن بعدت{[8879]}منزلته ومحلّه ، إلا وآثار نعم الله عليه ظاهرة ، حتى عرف كل أحد /184-ب/ حتى لو بذل له جميع حطام الدنيا ، أو أوعد بكل أنواع الوعيد ليترك الدين الذي هو عليه ما ترك البتّة .
وفي أمر موسى ، صلوات الله عليه ، خصلتان :
إحداهما : أن يعلم أن كيف يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؟ وكيف يعامل مرتكب الفسق والمنكر{[8880]} على ما عامل موسى قومه باللين والشفقة ، وإن [ كانوا يستقبلونه ]{[8881]} بالعظيم من الأمر والمناكير .
والثانية{[8882]} .
ويحتمل أن يكون سؤالهم إلها يعبدونه لما أهل الكفر قالوا لهم : إن الرسل هم الذين أمروهم بعبادة الأصنام كقوله تعالى { والله أمرنا بها } [ الأعراف : 28 ] فعلى ما قالوا : إن الرسل هم الذين أمروهم بذلك سألوا هم الذين أمروهم بذلك سألوا موسى أن يجعل لهم إلها كما لهم آلهة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.