التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لِحُبِّ ٱلۡخَيۡرِ لَشَدِيدٌ} (8)

وقوله - تعالى - : { وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخير لَشَدِيدٌ } أي : وإن هذا الإِنسان لشديد الحب لجمع المال ، ولكسبه من مختلف الوجوه ، بدون تفرقة - فى كثير من الأحيان - بين الحلال والحرام ، ولكنزه والتكثر منه ، وبالبخل به على من يستحقه .

وصدق الله إذ يقول : { قُل لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإنفاق وَكَانَ الإنسان قَتُوراً }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لِحُبِّ ٱلۡخَيۡرِ لَشَدِيدٌ} (8)

والضمير في قوله تعالى : { وإنه لحب الخير } عائد على { الإنسان } لا غير ، والمعنى من أجل حب الخير إنه { لشديد } ، أي بخيل بالمال ضابط له ، ومنه قول الشاعر [ طرفة بن العبد ] : [ الطويل ]

أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي . . . عقيلة مال الفاحش المتشدد{[11955]}

و { الخير } المال على عرف ذلك في كتاب الله تعالى ، قال عكرمة : { الخير } حيث وقع في القرآن فهو المال ، ويحتمل أن يراد هنا الخير الدنياوي من مال وصحة وجاه عند الملوك ونحوه ؛ لأن الكفار والجهال لا يعرفون غير ذلك ، فأما المحب في خير الآخرة فممدوح له مرجو له الفوز .


[11955]:هذا البيت من قصيدة طرفة المعروفة (لخولة أطلال ببرقة ثهمد)، وهي المعلقة التي قالها بعد أن مل حياة التشرد، وعاد نادما إلى أهله. ويعتام : يختار، والعقيلة: الكريمة من المال والنساء، والفاحش: البخيل. يقول: أرى الموت يختار الكرام فيفنيهم، ويصطفي أفضل ما عند البخيل المتشدد من مال فيأخذه، وبهذا لا ينفعه بخله ولا تشدده، فلا تخلص منه لواحد من الصنفين، فلا يجدي البخيل بخله، فالحود أفضل لأنه أحمد، وقيل: بل المعنى: إن الموت يختار الكرام بالإفناء، ويصطفي كريمة مال البخيل بالإبقاء.