نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَإِنَّهُۥ لِحُبِّ ٱلۡخَيۡرِ لَشَدِيدٌ} (8)

ولما كان من العجائب أن يكفر أحد إحسان المنعم ، وهو شاهد على نفسه ، ذكر الحامل له على ذلك حتى هان عليه ، فقال : { وإنه } أي الإنسان من حيث هو مع شهادته على نفسه بالكفر الذي يقتضي سلب النعم { لحب } أي لأجل حب { الخير } أي المال الذي لا يعد غيره لجهله خيراً { لشديد * } أي بخيل بالمال ، ضابط له ، ممسك عليه ، أو بليغ القوة في حبه ؛ لأن منفعته في الدنيا ، وهو متقيد بالعاجل الحاضر المحسوس ، مع علمه بأن أقل ما فيه أنه يشغله عن حسن الخدمة لربه ، وهو معرض عن الدين ، حيث كانت منفعته آجلة غائبة ، مع علمه بأن المعرّف بما يرضى من خدمة ربه الحاث عليها الداعي إليها ، فهو لحب عبادة الله ضعيف متقاعس ، وكان حبه للخير يقتضي عنه الشكر الذي يتقاضى الزيادة ، ولا يتخيل أن شديداً عامل في الحب ؛ لأن ما بعد اللام لا يعمل فيما قبلها ، وإنما ذلك المتقدم دليل على المعمول المحذوف .