البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِنَّهُۥ لِحُبِّ ٱلۡخَيۡرِ لَشَدِيدٌ} (8)

{ وإنه } : أي وإن الإنسان ، { لحب الخير } : أي المال ، { لشديد } : أي قوي في حبه .

وقيل : لبخيل بالمال ضابط له ، ويقال للبخيل : شديد ومتشدد .

وقال طرفة :

أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي *** عقيلة مال الفاحش المتشدد

وقال قتادة : الخير من حيث وقع في القرآن هو المال .

قال ابن عطية : ويحتمل أن يراد هذا الخير الدنيوي من مال وصحة وجاءه عند الملوك ونحوه ، لأن الكفار والجهال لا يعرفون غير ذلك .

فأما المحب في خير الآخرة فممدوح مرجوله الفور .

وقال الفراء : نظم الآية أن يقال : وإنه لشديد الحب للخير .

فلما تقدم الحب قال لشديد ، وحذف من آخره ذكر الحب لأنه قد جرى ذكره ، ولرءوس الآي كقوله تعالى : { في يوم عاصف } والعصوف : للريح لا للأيام ، كأنه قال : في يوم عاصف الريح ، انتهى .

وقال غيره ما معناه : لأنه ليس أصله ذلك التركيب ، بل اللام في { لحب } لام العلة ، أي وإنه لأجل حب المال لبخيل ؛ أو وإنه لحب المال وإيثاره قوي مطيق ، وهو لحب عبادة الله وشكر نعمه ضعيف متقاعس .

تقول : هو شديد لهذا الأمر وقوي له إذا كان مطيقاً له ضابطاً .

قال الزمخشري : أو أراد : وإنه لحب الخيرات غير هش منبسط ، ولكنه شديد منقبض .