فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِنَّهُۥ لِحُبِّ ٱلۡخَيۡرِ لَشَدِيدٌ} (8)

{ وَإِنَّهُ على ذَلِكَ لَشَهِيدٌ } أي وإن الإنسان على كنوده لشهيد يشهد على نفسه به لظهور أثره عليه . وقيل المعنى : وإن الله جلّ ثناؤه على ذلك من ابن آدم لشهيد ، وبه قال الجمهور . وقال بالأوّل الحسن ، وقتادة ، ومحمد بن كعب ، وهو أرجح من قول الجمهور لقوله : { وَإِنَّهُ لِحُبّ الخير لَشَدِيدٌ } فإن الضمير راجع إلى الإنسان .

/خ11

والمعنى : إنه لحبّ المال قويّ مجدّ في طلبه ، وتحصيله متهالك عليه ، يقال هو شديد لهذا الأمر وقويّ له : إذا كان مطيقاً له ، ومنه قوله تعالى : { إِن تَرَكَ خَيْرًا } [ البقرة : 180 ] ومنه قول عديّ بن حاتم :

ماذا ترجى النفوس من طلب ال *** خير وحبّ الحياة كاذبها

وقيل المعنى : وإن الإنسان من أجل حب المال لبخيل ، والأوّل أولى . واللام في : { لِحُبّ } متعلقة بشديد . قال ابن زيد : سمى الله المال خيراً ، وعسى أن يكون شرّاً ، ولكن الناس يجدونه خيراً ، فسماه خيراً . قال الفراء : أصل نظم الآية أن يقال : وإنه لشديد الحبّ للخير ، فلما قدّم الحبّ قال : لشديد ، وحذف من آخره ذكر الحبّ ، لأنه قد جرى ذكره ، ولرؤوس الآي كقوله : { فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ } [ إبراهيم : 18 ] والعصوف للريح لا لليوم ، كأنه قال : في يوم عاصف الريح .