فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَإِنَّهُۥ لِحُبِّ ٱلۡخَيۡرِ لَشَدِيدٌ} (8)

{ الخير } المال .

{ لشديد } لقوي .

{ وإنه لحب الخير لشديد( 8 ) } وإن الإنسان لحب المال لقوي ؛ قال ابن وهب : قال ابن زيد في قوله : { وإنه لحب الخير لشديد } قال : الخير : الدنيا ، وقرأ : { . . إن ترك خيرا الوصية . . }{[12536]} قال : فقلت له : إن ترك خيرا : المال ؟ قال : نعم ! وأي شيء هو إلا المال ، قال : وعسى أن يكون حراما ، ولكن الناس يعدونه خيرا ، فسماه الله خيرا ؛ لأن الناس يسمونه خيرا في الدنيا ، وعسى أن يكون خبيثا ؛ وسمى القتال في سبيل الله سوءا ، وقرأ قول الله : { فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء . . }{[12537]} قال : لم يمسسهم قتال ، قال : وليس هو عند الله بسوء ، ولكن يسمونه سوءا . اه .

[ وجوز غير واحد أن يراد بالشديد : القوي . . وكأن اللام- عليه- بمعنى : في ، أي وإنه لقوي{[12538]} مبالغ في حب المال ، والمراد : قوة حبه له . . . تقول : هو شديد لهذا الأمر ، وقوي له ، إذا كان مطيقا له ضابطا . . وقال الفراء : يجوز أن يكون المعنى : وإنه لحب الخير لشديد الحب ، يعني أنه يحب المال ويحب كونه محبا له ، إلا أنه اكتفى بالحب الأول عن الثاني ؛ كما قال تعالى : { . . . اشتدت به الريع في يوم عاصف . . }{[12539]} أي في يوم عاصف الريح ، فاكتفى بالأولى عن الثانية ]{[12540]} إذ العصوف للريح لا للأيام ، فلما جرى ذكر الريح قبل اليوم ، طرح من آخره ذكر الريح .


[12536]:- سورة البقرة. من الآية 180.
[12537]:- سورة آل عمران. من الآية 174
[12538]:- قال الزمخشري: وإنه لحب المال، وإيثار الدنيا وطلبها قوي مطيق. وهو لحب عبادة الله تعالى وشكر نعمته سبحانه ضعيف متقاعس.
[12539]:- سورة إبراهيم. من الآية 18.
[12540]:- ما بين العلامتين [ ] من روح المعاني.