الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَإِنَّهُۥ لِحُبِّ ٱلۡخَيۡرِ لَشَدِيدٌ} (8)

قوله : { لِحُبِّ } : اللامُ متعلِّقَةٌ ب " شديدٌ " ، وفيه وجهان ، أحدهما : أنها المعدِّيةُ . والمعنى : وإنَّه لقَويٌّ مُطيقٌ لِحُبِّ الخير ، يقال : هو شديدٌ لهذا الأمرِ ، أي : مُطيقٌ له ، والثاني : أنها للعلةِ ، أي : وإنَّه لأجلِ حبِّ المالِ لَبخيلٌ . وقيل : اللامُ بمعنى " على " ، ولا حاجةَ إليه . وقد يُعَبَّرُ بالشديدِ والمتشدِّدِ عن البخيل ، قال :

[ أرى ] الموتَ يَعْتامُ الكرامَ ويَصْطَفي *** عَقيلةَ مالِ الفاحشِ المتشدِّدِ

وقال الفراء : " أصلُ نَظْمِ الآية أَنْ يقالَ : وإنه لشديدُ الحُبِّ للخير ، فلما قَدَّم " الحُبّ " قال : لشديد ، وحَذَفَ مِنْ آخرِه ذِكْرَ " الحُبِّ " ؛ لأنه قد جرى ذِكْرُه ، ولرؤوسِ الآي ، كقولِه : { فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ } [ إبراهيم : 18 ] والعُصُوف للريح لا لليوم ، كأنه قال : في يومٍ عاصفِ الريحِ " .