1- سورة " الطور " من السور المكية الخالصة ، وعدد آياتها تسع وأربعون آية في الكوفي والشامي ، وثمان وأربعون في البصري ، وسبع وأربعون في المصحف الحجازي .
وهذه السورة من السور التي كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يقرأ بها كثيرا في صلاته .
روى الشيخان عن جبير بن مطعم قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور ، فما سمعت أحداً أحسن صوتا أو قراءة منه .
وروى البخاري عن أم سلمت قالت : شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إني اشتكي . فقال : طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ، فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جنب البيت ، يقرأ بالطور وكتاب مسطور( {[1]} ) .
2- وتفتتح سورة " الطور " بقسم من الله –تعالى- ببعض مخلوقاته على أن البعث حق ، وعلى أن الجزاء حق ، وعلى أن كل ذلك كائن يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات .
تفتتح بهذا الافتتاح الذي يبعث الوجل والخوف في النفوس فتقول : [ والطور . وكتاب مسطور . في رق منشور . والبيت المعمور ، والسقف المرفوع . والبحر المسجور . إن عذاب ربك لواقع . ماله من دافع ] .
3- وكعادة القرآن الكريم في المقارنة بين الأخيار والأشرار ، يأتي الحديث ن حسن عاقبة المؤمنين ، بعد الحديث عن سوء عاقبة المكذبين ، فيقول –سبحانه- : [ إن المتقين في جنات ونعيم . فاكهين بما آتاهم ربهم ، ووقاهم ربهم عذاب الجحيم . كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ] .
4- ثم تنتقل السورة الكريمة إلى الحديث عن مفتريات المشركين وأكاذيبهم ، فتحكيها بأمانة . وتقذف بالحق الذي أوحاه –سبحانه- إلى نبيه صلى الله عليه وسلم فإذا بتلك المفتريات والأكاذيب زاهقة وباطلة ، وتسوق ذلك بأسلوب ساحر خلاب فتقول : [ أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون . قل تربصوا ، فإني معكم من المتربصين . أم تأمرهم أحلامهم بهذا ، أم هم قوم طاغون . أم يقولون تقوله ، بل لا يؤمنون . فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ] .
5- ثم تختتم السورة الكريمة بما يسلي النبي صلى الله عليه وسلم وبما يرسم له العلاج الشافي فتقول : [ واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا ، وسبح بحمد ربك حين تقول . ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم ] .
افتتح الله - تعالى - هذه السورة الكريمة بالقسم خمسة أشياء هى من أعظم مخلوقاته ، للدلالة على كمال قدرته ، وبديع صنعته ، وتفرد ألوهيته . . . فقال - سبحانه - : { والطور } والمراد به جبل الطور ، والمشار إليه فى قوله - تعالى - : { والتين والزيتون وَطُورِ سِينِينَ } قال القرطبى : والطور : اسم الجبل الذى كلم الله - تعالى - عليه موسى ، أقسم الله به تشريفا وتكريما له ، وتذكيرا لما فيه من الآيات . . . وقيل : إن الطور اسم لكل جبل أنبت ، ومالا ينبت فليس بطور .
سميت هذه السورة عند السلف { سورة الطور } دون واو قبل الطور . ففي جامع الطواف من الموطإ حديث مالك عن أم سلمة قالت فطفت ورسول الله إلى جنب البيت يقرأ ب{ والطور وكتاب مسطور } ، أي يقرأ بسورة الطور ولم ترد يقرأ بالآية لأن الآية فيها { والطور } بالواو وهي لم تذكر الواو .
وفي باب القراءة في المغرب من الموطإ حديث مالك عن جبير بن مطعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بالطور في المغرب .
وفي تفسير سورة الطور من صحيح البخاري عن جبير بن مطعم قال سمعت النبي يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون } كاد قلبي أن يطير . وكان جبير بن مطعم مشركا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في فداء أسرى بدر وأسلم يومئذ .
وكذلك وقعت تسميتها في ترجمتها من جامع الترمذي وفي المصاحف التي رأيناها ، وكثير من التفاسير . وهذا على التسمية بالإضافة ، أي سورة ذكر الطور كما يقال : سورة البقرة ، وسورة الهدهد ، وسورة المؤمنين .
وفي ترجمة هذه السورة من تفسير صحيح البخاري { سورة والطور } بالواو على حكاية اللفظ الواقع في أولها كما يقال { سورة قل هو الله أحد } . وهي مكية جميعها بالاتفاق .
وهي السورة الخامسة والسبعون في ترتيب نزول السور . نزلت بعد سورة نوح وقبل سورة المؤمنين .
وعد أهل المدينة ومكة آيها سبعا وأربعين ، وعدها أهل الشام وأهل الكوفة تسعا وأربعين ، وعدها أهل البصرة ثمانيا وأربعين .
أول أغراض هذه السورة التهديد بوقوع العذاب يوم القيامة للمشركين المكذبين بالنبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من إثبات البعث وبالقرآن المتضمن ذلك فقالوا : هو سحر .
ومقابلة وعيدهم بوعد المتقين المؤمنين وصفة نعيمهم ووصف تذكرهم خشية ، وثنائهم على الله بما من عليهم فانتقل إلى تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وإبطال أقوالهم فيه وانتظارهم موته .
وتحديهم بأنهم عجزوا عن الإتيان بمثل القرآن .
وإبطال خليط من تكاذيبهم بإعادة الخلق وببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ليس من كبرائهم وبكون الملائكة بنات الله وإبطال تعدد الآلهة وذكر استهزائهم بالوعيد .
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتركهم وأن لا يحزن لذلك ، فإن الوعيد حال بهم في الدنيا ثم في الآخرة وأمره بالصبر ، ووعده بالتأييد ، وأمر بشكر ربه في جميع الأوقات .
القَسَم للتأكيد وتحقيق الوعيد . ومناسبة الأمور المقسم بها للمقسم عليه أن هذه الأشياء المقسم بها من شؤون بعثه موسى عليه السلام إلى فرعون وكان هلاك فرعون ومن معه من جراء تكذيبهم موسى عليه السلام .
و { الطور } : الجبل باللغة السريانيّة قاله مجاهد . وأدخل في العربية وهو من الألفاظ المعربة الواقعة في القرآن .
وغلب علَماً على طور سينا الذي ناجى فيه موسى عليه السلام ، وأنزل عليه فيه الألواح المشتملة على أصول شريعة التوراة .
فالقسم به باعتبار شرفه بنزول كلام الله فيه ونزول الألواح على موسى وفي ذكر الطور إشارة إلى تلك الألواح لأنها اشتهرت بذلك الجبل فسميت طور المعرّب بتوراة .
وأما الجبل الذي خوطب فيه موسى من جانب الله فهو جبل حُوريب واسمه في العربية ( الزّبير ) ولعله بجانب الطور كما في قوله تعالى : { آنس من جانب الطور ناراً } وتقدم بيانه في سورة القصص ( 29 ) ، وتقدم عند قوله تعالى : { ورفعنا فوقكم الطور } في سورة البقرة ( 63 ) .
والقَسَم بالطور توطئة للقسم بالتوراة التي أنزل أولها على موسى في جبل الطور .
والمراد { بكتاب مسطور في رَقّ منشور } التوراةُ كلها التي كتبها موسى عليه السلام بعد نزول الألواح ، وضمَّنها كل ما أوحَى الله إليه مما أمر بتبليغه في مدة حياته إلى ساعات قليلة قبل وفاته . وهي الأسفار الأربعة المعروفة عند اليهود : سفر التكوين ، وسفر الخروج ، وسفر العَدد ، وسفر التثنية ، وهي التي قال الله تعالى في شأنها : { ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون } في سورة الأعراف ( 154 ) .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
{والطور * وكتاب مسطور * في رق منشور * والبيت المعمور * والسقف المرفوع * والبحر المسجور} هذه السورة مناسبة للسورة المتقدمة من حيث الافتتاح بالقسم وبيان الحشر فيهما، وأول هذه السورة مناسب لآخر ما قبلها، لأن في آخرها قوله تعالى: {فويل للذين كفروا} وهذه السورة في أولها {فويل يومئذ للمكذبين} وفي آخر تلك السورة قال: {فإن للذين ظلموا ذنوبا} إشارة إلى العذاب وقال هنا {إن عذاب ربك لواقع}
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
مقصودها: تحقيق وقوع العذاب الذي هو مضمون الوعيد المقسم على وقوعه في الذاريات الذي هو مضمون الإنذار المدلول على صدقه في ق، فإن وقوعه أثبت وأمكن من الجبال التي أخبر الصادق بسيرها. وجعل دك بعضها آية على ذلك، ومن الكتاب في أثبت أوضاعه لإمكان غسله وحرقه، ومن البيت الذي يمكن عامره وغيره إخرابه، والسقف الذي يمكن رافعه وضعه، والبحر الذي يمكن من سجره أن يرسله، وقد بان أن اسمها أدل ما يكون على ذلك بملاحظة القسم وجوابه حتى بمفردات الألفاظ في خطابه.
محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :
سميت به لأنه لما تضمن تعظيم مهبط الوحي، فالوحي أولى بالتعظيم، فيعظم الاهتمام بالعمل، لا سيما وقد عظم مصعد العمل وثمرته. وهذا من أعظم مقاصد القرآن...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
هذه السورة تمثل حملة عميقة التأثير في القلب البشري. ومطاردة عنيفة للهواجس والشكوك والشبهات والأباطيل التي تساوره وتتدسس إليه وتختبئ هنا وهناك في حناياه. ودحض لكل حجة وكل عذر قد يتخذه للحيدة عن الحق والزيغ عن الإيمان.. حملة لا يصمد لها قلب يتلقاها، وهي تلاحقه حتى تلجئه إلى الإذعان والاستسلام!
وهي حملة يشترك فيها اللفظ والعبارة، والمعنى والمدلول، والصور والظلال، والإيقاعات الموسيقية لمقاطع السورة وفواصلها على السواء. ومن بدء السورة إلى ختامها تتوالى آياتها كما لو كانت قذائف، وإيقاعاتها كما لو كانت صواعق، وصورها وظلالها كما لو كانت سياطا لاذعة للحس لا تمهله لحظة واحدة من البدء إلى الختام!
وتبدأ السورة بقسم من الله سبحانه بمقدسات في الأرض والسماء. بعضها مكشوف معلوم! وبعضها مغيب مجهول: (والطور. وكتاب مسطور. في رق منشور. والبيت المعمور. والسقف المرفوع)..
القسم على أمر عظيم رهيب، يرج القلب رجا، ويرعب الحس رعبا. في تعبير يناسب لفظه مدلوله الرهيب؛ وفي مشهد كذلك ترجف له القلوب: (إن عذاب ربك لواقع. ما له من دافع، يوم تمور السماء مورا، وتسير الجبال سيرا)..
وفي وسط المشهد المفزع نرى ونسمع ما يزلزل ويرعب، من ويل وهول، وتقريع وتفزيع: (فويل يومئذ للمكذبين، الذين هم في خوض يلعبون. يوم يدعون إلى نار جهنم دعا. هذه النار التي كنتم بها تكذبون. أفسحر هذا؟ أم أنتم لا تبصرون؟ اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا، سواء عليكم، إنما تجزون ما كنتم تعملون)..
هذا شوط من حملة المطاردة. يليه شوط آخر من لون آخر. شوط في إطماع القلوب التي رأت ذلك الهول المرعب -إطماعها في الأمن والنعيم. بعرض صورة المتقين وما أعد لهم من تكريم. وما هيئ لهم من نعيم رخي رغيد، يطول عرضه، وتكثر تفصيلاته، وتتعدد ألوانه. مما يستجيش الحس إلى روح النعيم وبرده؛ بعد كرب العذاب وهوله: (إن المتقين في جنات ونعيم. فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم. كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون. متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين. والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم، وما ألتناهم من عملهم من شيء، كل امرئ بما كسب رهين. وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون. يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم. ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون. وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون. قالوا: إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين. فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم. إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم)..
والآن وقد أحس القلب البشري سياط العذاب في الشوط الأول؛ وتذوق حلاوة النعيم في الشوط الثاني.. الآن يجيء الشوط الثالث يطارد الهواجس والوساوس؛ ويلاحق الشبهات والأضاليل؛ ويدحض الحجج والمعاذير. ويعرض الحقيقة بارزة واضحة بسيطة عنيفة. تتحدث بمنطق نافذ لا يحتمل التأويل، مستقيم لا يحتمل اللف والدوران. يلوي الأعناق ليا ويلجئها إلى الإذعان والتسليم.. ويبدأ هذا الشوط بتوجيه الخطاب إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ليمضي في تذكيره لهم، على الرغم من سوء أدبهم معه؛ وليقرعهم بهذا المنطق النافذ القوي المستقيم: فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون. أم يقولون: شاعر نتربص به ريب المنون؟ قل: تربصوا فإني معكم من المتربصين. أم تأمرهم أحلامهم بهذا؟ أم هم قوم طاغون؟ أم يقولون تقوله؟ بل لا يؤمنون. فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين. أم خلقوا من غير شيء؟ أم هم الخالقون؟ أم خلقوا السماوات والأرض؟ بل لا يوقنون. أم عندهم خزائن ربك؟ أم هم المصيطرون؟ أم لهم سلم يستمعون فيه؟ فليأت مستمعهم بسلطان مبين. أم له البنات ولكم البنون؟ أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون؟ أم عندهم الغيب فهم يكتبون؟ أم يريدون كيدا؟ فالذين كفروا هم المكيدون. أم لهم إله غير الله؟ سبحان الله عما يشركون..
وعقب هذه الأسئلة المتلاحقة. بل هذه القذائف الصاعقة. التي تنسف الباطل نسفا، وتحرج المكابر والمعاند، وتخرس كل لسان يزيغ عن الحق أو يجادل فيه.. عقب هذا يصور تعنتهم وعنادهم في صورة الذي يكابر في المحسوس: (وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا: سحاب مركوم). والفرق بين قطعة السماء تسقط وبين السحاب واضح، ولكنهم هم يتلمسون كل شبهة ليعدلوا عن الحق الواضح.
هنا يلقي عليهم بالقذيفة الأخيرة. قذيفة التهديد الرعيب، بملاقاة ذلك المشهد المرهوب، الذي عرض عليهم في مطلع السورة: (فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون. يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون).. كما يهددهم بعذاب أقرب من ذلك العذاب: (وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك، ولكن أكثرهم لا يعلمون)..
ثم تختم السورة بإيقاع رضي رخي.. إنه موجه إلى الرسول الكريم الذي يقولون عنه: (شاعر نتربص به ريب المنون).. ويقولون: كاهن أو مجنون. موجه إليه من ربه يسليه ويعزيه في إعزاز وتكريم. في تعبير لا نظير له في القرآن كله؛ ولم يوجه من قبل إلى نبي أو رسول: (واصبر لحكم ربك، فإنك بأعيننا، وسبح بحمد ربك حين تقوم، ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم)..
إنه الإيقاع الذي يمسح على العنت والمشقة اللذين يلقاهما الرسول الكريم، من أولئك المتعنتين المعاندين، الذين اقتضت مواجهتهم تلك الحملة العنيفة من المطاردة والهجوم..
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
سميت هذه السورة عند السلف {سورة الطور} دون واو قبل الطور. ففي جامع الطواف من الموطأ حديث مالك عن أم سلمة قالت فطفت ورسول الله إلى جنب البيت يقرأ ب {الطور وكتاب مسطور}، أي يقرأ بسورة الطور ولم ترد يقرأ بالآية لأن الآية فيها {والطور} بالواو وهي لم تذكر الواو.
وفي باب القراءة في المغرب من الموطأ حديث مالك عن جبير بن مطعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بالطور في المغرب.
وفي تفسير سورة الطور من صحيح البخاري عن جبير بن مطعم قال سمعت النبي يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون} كاد قلبي أن يطير. وكان جبير بن مطعم مشركا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في فداء أسرى بدر وأسلم يومئذ.
وكذلك وقعت تسميتها في ترجمتها من جامع الترمذي وفي المصاحف التي رأيناها، وكثير من التفاسير. وهذا على التسمية بالإضافة، أي سورة ذكر الطور كما يقال: سورة البقرة، وسورة الهدهد، وسورة المؤمنين.
وفي ترجمة هذه السورة من تفسير صحيح البخاري {سورة والطور} بالواو على حكاية اللفظ الواقع في أولها كما يقال {سورة قل هو الله أحد}. وهي مكية جميعها بالاتفاق...
أول أغراض هذه السورة التهديد بوقوع العذاب يوم القيامة للمشركين المكذبين بالنبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من إثبات البعث وبالقرآن المتضمن ذلك فقالوا: هو سحر.
ومقابلة وعيدهم بوعد المتقين المؤمنين وصفة نعيمهم ووصف تذكرهم خشية، وثنائهم على الله بما من عليهم فانتقل إلى تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وإبطال أقوالهم فيه وانتظارهم موته.
وتحديهم بأنهم عجزوا عن الإتيان بمثل القرآن.
وإبطال خليط من تكاذيبهم بإعادة الخلق وببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ليس من كبرائهم وبكون الملائكة بنات الله وإبطال تعدد الآلهة وذكر استهزائهم بالوعيد.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتركهم وأن لا يحزن لذلك، فإن الوعيد حال بهم في الدنيا ثم في الآخرة وأمره بالصبر، ووعده بالتأييد، وأمر بشكر ربه في جميع الأوقات.
التفسير الحديث لدروزة 1404 هـ :
وآياتها متوازنة منسجمة مما يبرر القول: إنها نزلت دفعة واحدة...
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
وهذه سورة من السور المكية التي تضج بحركة الجوّ النفسي الذي يحيط بالصراع بين الإيمان والشرك، لتواجه المكذّبين بالتوحيد والرسول واليوم الآخر، بالمصير القاسي الذي يتعرضون له يوم القيامة الذي يكذبون به، مقارنة بمصير من يؤمنون بالرسالة. ثم تثير علامات استفهام استنكارية حول ما يطرحه أولئك المكذبون من أفكار في مواجهة الرسالة، بأسلوب يوحي بالإجابة ويبرز الحقيقة الصارخة التي تتناسب مضموناً مع طروحات الرسالة. وتتحدث السورة عن الرسول لتؤكد صموده وصبره في مواجهة الجدل المتعسف، فهو يتحرك بعين الله التي ترعاه في كل مواقفه، ليبقى في أجواء التسبيح التي تشمل اليوم كله، والليل كله، لينفتح على رحاب الله وآفاق عظمته، فيزداد بذلك إيماناً وقوّة وثباتاً على الموقف الرسالي في مواقع الزلزال...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
تتركز بحوث هذه السورة أيضاً على مسألة المعاد وعاقبة الصالحين والمتّقين من جهة، والمجرمين والمفسدين في ذلك اليوم العظيم من جهة أخرى رغم أنّ فيها مواضيع أخر في مجالات مختلفة من الأمور العقائدية أيضاً. ويمكن على الإجمال أن يقسّم محتوى هذه السورة إلى ستّة أقسام.
الآيات الأولى من السورة التي تبدأ بالقَسَم تلو القَسَم، وهي تبحث في عذاب الله. ودلائل القيامة وعلاماتها وعن النار وعقاب الكافرين [من الآية 1 إلى 16]. 2 القسم الآخر من هذه السورة يذكر بتفصيل نعم الجنّة ومواهب الله في القيامة وما اُعدّ للمتّقين، وينبّه على ذلك على نحو متتابع!.. وفي الحقيقة أنّ في هذه السورة إشارةً إلى أغلب نعم الجنّة من الآية 17 -28.
وفي القسم الثّالث من هذه السورة يقع الكلام عن نبوّة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وما وجّه إليه الأعداء من التّهم، ويردّ عليها بنحو موجز من الآية 29 إلى 34.
وفي القسم الرّابع بحث عن التوحيد باستدلالات واضحة من الآية 35 43.
وفي القسم الخامس من هذه السورة عود على مسألة المعاد وبعض أوصاف يوم القيامة من الآية 44- 47.
وأخيراً فإنّ القسم الأخير من هذه السورة الذي لا يتجاوز الآيتين يختتم الأمور المذكورة آنفاً بأمر نبي الإسلام بالصبر والاستقامة والتسبيح والحمد لله.. ووعده بأنّ الله حاميه وناصره.
وهكذا تتشكّل السورة من مجموعة منسجمة منطقية وعاطفية تنشدّ إليها قلوب السامعين.
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
قال: لما كذب كفار مكة أقسم الله تعالى، فقال: {والطور} يعني الجبل بلغة النبط، الذي كلم الله عليه موسى، عليه السلام، بالأرض المقدسة...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يعني تعالى ذكره بقوله: والطّورِ: والجبل الذي يُدعى الطور.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{والطور} {وكتاب مسطور} {في رَقٍّ منشور} ثم اختُلف في القَسم بالطور وما ذكر:
قال قائلون: القسم إنما هو بمنشئ هذه الأشياء التي ذكر لا بهذه الأشياء نفسها؛ إذ الله تعالى نهى الخلق بأن يُقسموا بغيره، فكيف يُقسم بنفسه؟
وقال قائلون: فيجوز أن يُقسم، جل وعلا، بما شاء وبمن شاء بالذي عظُم قدره عندهم... ثم إن الله سبحانه وتعالى أقسم بأشياء سواه، وليس للخلق ذلك لأن قسم الخلق يُخرّج مخرَج الفزع إليه والتضرّع، ولا يجوز الفزع من سواه والاستعانة به. فأما القسم من الله تعالى حقيقة فهو على التذكير والتنبيه للخلق والتأكيد ما وعد لهم من الجزاء. فيجوز له القسم بكل ما يكون لهم التذكير والتنبيه والتأكيد، وإن كان بغيره وسواه مما لذلك خطر ومحلّ عند الناس وعند الله تعالى، والله أعلم...
{والطور} جائز أن يكون القسم واقعا بالجبال كلها لما أن الله عز وجل أنشأ الأرض خلقا تميد بأهلها، وأرسى فيها هذه الجبال، ووتّدها، حتى استقرّت، وسكنت، حتى وصل الخلائق إلى الانتفاع بهذه الأرض والقرار، وصارت مهادا لهم وفراشا لهم على ما ذكر، يتقلّبون فيها، ويتصرّفون كما شاءوا، أو أرادوا، وحيث أحبّوا. ثم إذا عرفوا ذلك لزمهم أن يعرفوا أن عليهم شكر ما أنعم عليهم. فإذا تركوا ذلك ألزمهم عقوبة الكفر وجزاءه، وأوعد لهم ذلك، فيؤكّد ما ذكر من القسم وقوع ما ذكر من العذاب بهم حين قال: {إن عذاب ربك لواقع} {ما له من دافع} [الطور: 7و8]. ويحتمل أن يكون المراد بالطور، هو جبل خاص، وهو الجبل الذي كلّم الله سبحانه وتعالى من فوقه موسى عليه السلام وأنزل عليه التوراة، وهو طور سيناء. وذلك الجبل مما عظُم قدره عند بني إسرائيل حتى عرفوا قدره وفضله، فأقسم بذلك الجبل {إن عذاب ربك لواقع} [الآية: 7]...
الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :
{وَالطُّورِ} كل جبل طور، لكنّه سبحانه عنى بالطور هاهنا الجبل الذي كلّم عليه موسى بالأرض المقدّسة، وهي بمدين...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
هذه مخلوقات أقسم الله بها تنبيهاً منها وتشريفاً، وليكون ذلك سبب النظر فيها والاعتبار بها، وذلك يؤول إلى التوحيد والمعرفة بحقوق الله...
ولا خلاف أن في الشام جبلاً يسمى ب «الطور»، وهو طور سيناء.
{والطور * وكتاب مسطور * في رق منشور * والبيت المعمور * والسقف المرفوع * والبحر المسجور} هذه السورة مناسبة للسورة المتقدمة من حيث الافتتاح بالقسم وبيان الحشر فيهما، وأول هذه السورة مناسب لآخر ما قبلها، لأن في آخرها قوله تعالى: {فويل للذين كفروا} وهذه السورة في أولها {فويل يومئذ للمكذبين} وفي آخر تلك السورة قال: {فإن للذين ظلموا ذنوبا} إشارة إلى العذاب وقال هنا {إن عذاب ربك لواقع} وفيه مسائل:
المسألة الأولى: ما الطور، وما الكتاب المسطور؟ نقول فيه وجوه:
(الأول) الطور هو جبل معروف كلم الله تعالى موسى عليه السلام.
(الثاني) هو الجبل الذي قال الله تعالى: {وطور سينين}.
(الثالث) هو اسم الجنس والمراد القسم بالجبل غير أن الطور الجبل العظيم كالطود، وأما الكتاب ففيه أيضا وجوه:
(أحدها) كتاب موسى عليه السلام.
(ثانيها) الكتاب الذي في السماء.
(رابعها) القرآن وكيفما كان فهي في رقوق، وسنبين فائدة قوله تعالى: {في رق منشور}.
(الأول) هو بيت في السماء العليا عند العرش ووصفه بالعمارة لكثرة الطائفين به من الملائكة.
(الثاني) هو بيت الله الحرام وهو معمور بالحاج الطائفين به العاكفين.
(الثالث) البيت المعمور اللام فيه لتعريف الجنس كأنه يقسم بالبيوت المعمورة والعمائر المشهورة، {والسقف المرفوع} السماء، {والبحر المسجور}، قيل الموقد يقال سجرت التنور، وقيل هو البحر المملوء ماء المتموج،...
المسألة الثانية: ما الحكمة في اختيار هذه الأشياء؟ نقول هي تحتمل وجوها:
(أحدها) إن الأماكن الثلاثة وهي: الطور، والبيت المعمور، والبحر المسجور، أماكن كانت لثلاثة أنبياء ينفردون فيها للخلوة بربهم والخلاص من الخلق والخطاب مع الله، أما الطور فانتقل إليه موسى عليه السلام، والبيت محمد صلى الله عليه وسلم، والبحر المسجور يونس عليه السلام، والكل خاطبوا الله هناك فقال موسى: {أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء} وقال: {أرني أنظر إليك} وأما محمد صلى الله عليه وسلم فقال: «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» وأما يونس فقال: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} فصارت الأماكن شريفة بهذه الأسباب، فحلف الله تعالى بها، وأما ذكر الكتاب فإن الأنبياء كان لهم في هذه الأماكن مع الله تعالى كلام والكلام في الكتاب واقترانه بالطور أدل على ذلك، لأن موسى عليه السلام كان له مكتوب ينزل عليه وهو بالطور، وأما ذكر السقف المرفوع ومعه البيت المعمور ليعلم عظمة شأن محمد صلى الله عليه وسلم.
(ثانيها) وهو أن القسم لما كان على وقوع العذاب وعلى أنه لا دافع له، وذلك لأن لا مهرب من عذاب الله لأن من يريد دفع العذاب عن نفسه، ففي بعض الأوقات يتحصن بمثل الجبال الشاهقة التي ليس لها طرف وهي متضايقة بين أنه لا ينفع التحصن بها من أمر الله تعالى كما قال ابن نوح عليه السلام {سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم} حكاية عن نوح عليه السلام.
المسألة الثالثة: ما الحكمة في تنكير الكتاب وتعريف باقي الأشياء؟ نقول ما يحتمل الخفاء من الأمور الملتبسة بأمثالها من الأجناس يعرف باللام، فيقال رأيت الأمير ودخلت على الوزير، فإذا بلغ الأمير الشهرة بحيث يؤمن الالتباس مع شهرته، ويريد الواصف وصفه بالعظمة، يقول: اليوم رأيت أميرا ما له نظير جالسا وعليه سيما الملوك وأنت تريد ذلك الأمير المعلوم، والسبب فيه أنك بالتنكير تشير إلى أنه خرج عن أن يعلم ويعرف بكنه عظمته، فيكون كقوله تعالى: {الحاقة * ما الحاقة * وما أدراك ما الحاقة} فاللام وإن كانت معرفة لكن أخرجها عن المعرفة كون شدة هولها غير معروف، فكذلك هاهنا الطور ليس في الشهرة بحيث يؤمن اللبس عند التنكير، وكذلك البيت المعمور، وأما الكتاب الكريم فقد تميز عن سائر الكتب، بحيث لا يسبق إلى أفهام السامعين من النبي صلى الله عليه وسلم لفظ الكتاب إلا ذلك، فلما أمن اللبس وحصلت فائدة التعريف سواء ذكر باللام أو لم يذكر قصدا للفائدة الأخرى وهي في الذكر بالتنكير، وفي تلك الأشياء لما لم تحصل فائدة التعريف إلا بآلة التعريف استعملها، وهذا يؤيد كون المراد منه القرآن وكذلك اللوح المحفوظ مشهور.
المسألة الرابعة: ما الفائدة في قوله تعالى: {في رق منشور} وعظمة الكتاب بلفظه ومعناه لا بخطه ورقه؟ نقول هو إشارة إلى الوضوح، وذلك لأن الكتاب المطوي لا يعلم ما فيه فقال هو في رق منشور وليس كالكتب المطوية وعلى هذا المراد اللوح المحفوظ فمعناه هو منشور لكم لا يمنعكم أحد من مطالعته، وإن قلنا بأن المراد كتاب أعمال كل أحد فالتنكير لعدم المعرفة بعينه وفي رق منشور لبيان وصفه كما قال تعالى: {كتابا يلقاه منشورا} وذلك لأن غير المعروف إذا وصف كان إلى المعرفة أقرب شبها.
المسألة الخامسة: في بعض السور أقسم بجموع كما في قوله تعالى: {والذاريات} وقوله {والمرسلات} وقوله {والنازعات} وفي بعضها بأفراد كما في هذه السورة حيث قال: {والطور} ولم يقل والأطوار والبحار، ولاسيما إذا قلنا المراد من الطور الجبل العظيم كالطود، كما في قوله تعالى: {ورفعنا فوقهم الطور} أي الجبل فما الحكمة فيه؟ نقول في الجموع في أكثرها أقسم بالمتحركات والريح الواحدة ليست بثابتة مستمرة حتى يقع القسم بها، بل هي متبدلة بأفرادها مستمرة بأنواعها والمقصود منها لا يحصل إلا بالتبدل والتغير فقال: {والذاريات} إشارة إلى النوع المستمر إلى الفرد المعين المستقر، وأما الجبل فهو ثابت قليل التغير والواحد من الجبال دائم زمانا ودهرا، فأقسم في ذلك بالواحد وكذلك قوله {والنجم} والريح ما علم القسم به وفي الطور علم.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{والطور}...أقسم بالجبل -الذي هو عندهم وعند غيرهم من ذوي العقول- أثبت الأرض وأشدها وأصلبها، وعبر عنه بالطور الذي هو مشترك بين مطلق الجبل وبين المضاف إلى سينا الذي كان فيه نبوة موسى عليه السلام وإنزال كثير من كتابه وغير ذلك -آيات تعلمها بنو إسرائيل الذين يستنصحونهم ويسألونهم عن النبي صلى الله عليه وسلم ويرضون بقولهم فيه...وأيضاً فالطور كل جبل ينبت، وإنبات الجبل عجيب، فإن نباته لا يكون إلا بسبب، وسبب النبات الماء، والماء منبث في الأرض لتركبها عليه وهو مواز لما انكشف منه من ماء البحار، وكلما علت الأرض بعدت عن الماء، والجبال أبعدها منه، فسبب إنباته خفي جداً لا يعلمه إلا الله ومن فهمه إياه...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
والطور: الجبل فيه شجر. والأرجح أن المقصود به هو الطور المعروف في القرآن، المذكور في قصة موسى -عليه السلام- والذي نزلت فوقه الألواح. فالجو جو مقدسات يقسم بها الله سبحانه على الأمر العظيم الذي سيجيئ.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
القَسَم للتأكيد وتحقيق الوعيد. ومناسبة الأمور المقسم بها للمقسم عليه أن هذه الأشياء المقسم بها من شؤون بعثه موسى عليه السلام إلى فرعون وكان هلاك فرعون ومن معه من جراء تكذيبهم موسى عليه السلام. والمراد {بكتاب مسطور في رَقّ منشور} التوراةُ كلها التي كتبها موسى عليه السلام بعد نزول الألواح، وضمَّنها كل ما أوحَى الله إليه مما أمر بتبليغه في مدة حياته إلى ساعات قليلة قبل وفاته. وهي الأسفار الأربعة المعروفة عند اليهود: سفر التكوين، وسفر الخروج، وسفر العَدد، وسفر التثنية، وهي التي قال الله تعالى في شأنها: {ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون} في سورة الأعراف (154)...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
هذه السورة هي الأخرى من السور التي تبدأ بالقسم.. القسم الذي يهدف لبيان حقيقة مهمّة، وهي مسألة القيامة والمعاد ومحاسبة أعمال الناس.
وأهميّة هذه المسألة إلى درجة بحيث أنّ الله أقسم في آيات مختلفة من القرآن بأنواع كثيرة من المقدّسات لتتجلّى عظمة ذلك اليوم ووقوعه حتماً.
وتلوح في بداية السورة خمسة آيات تبدأ بالقَسم، وفيها معاني مغلقة تدعو إلى التفكير ممّا جعلت المفسّرين يبحثون فيها من جميع الوجوه.
«الطور» في اللغة معناه الجبل ولكن مع ملاحظة أنّ هذه الكلمة تكرّرت في عشر آيات من القرآن الكريم، تسع منها كانت في الكلام على «طور سيناء» وهو الطور أو الجبل الذي نزل الوحي عنده على موسى، فيُعلم أنّ المراد منه هنا في الآية محلّ البحث (الطور ذاته) خاصّة لو أنّنا لاحظنا أنّ الألف واللام في هذه الكلمة هي للعهد.
فبناءً على ذلك، فإنّ الله يقسم في أوّل مرحلة بواحد من الأمكنة المقدّسة في الأرض حيث نزل عليها الوحي.