التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ ءَامَنتُم بِهِۦٓۚ ءَآلۡـَٰٔنَ وَقَدۡ كُنتُم بِهِۦ تَسۡتَعۡجِلُونَ} (51)

وقوله - سبحانه - { أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ . . . } زيادة في تجهيلهم وتأنيبهم والهمزة داخلة على محذوف ، و { ثم } حرف عطف يدل على الترتيب والتراخي وجيء به هنا للدلالة على زيادة الاستبعاد .

والمعنى : إنكم أيها الجاهلون لستم بصادقين فيما تطلبون ، لأنكم قبل وقوع العذاب تتعجلون وقوعه ، فإذا ما وقع وشاهدتم أهواله . وذقتم مرارته . . آمنتم بأنه حق ، وتحول استهزاؤكم به إلى تصديق وإذعان وتحسر .

وقوله : { الآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } قصد به زيادة إيلامهم وحسرتهم ولفظ { الآنَ } ظرف زمان يدل على الحال الحاضرة ، وهو في محل نصب على أنه ظرف لفعل مقدر .

أى : قيل لهم عند إيمانهم بعد وقوع العذاب : الآن آمنتم بأنه حق ؟ مع أنكم قبل ذلك كنتم به تستهزئون ، وتقوولن للرسول - صلى الله عليه وسلم - ولأتباعه :

{ متى هَذَا الوعد إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ألا فلتعلموا : أن إيمانكم في هذا الوقت غير مقبول ، لأنه جاء في غير أوانه ، وصدق الله إذ يقول : { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قالوا آمَنَّا بالله وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ . فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا سُنَّتَ الله التي قَدْ خَلَتْ في عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الكافرون }

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ ءَامَنتُم بِهِۦٓۚ ءَآلۡـَٰٔنَ وَقَدۡ كُنتُم بِهِۦ تَسۡتَعۡجِلُونَ} (51)

{ أثُمّ إذا ما وقع آمنتم به } بمعنى إن أتاكم عذابه آمنتم به بعد وقوعه حين لا ينفعكم الإيمان ، وماذا يستعجل اعتراض ودخول حرف الاستفهام على " ثم " لإنكار التأخير . { الآن } على إرادة القول أي قيل لهم إذا آمنوا بعد وقوع العذاب الآن آمنتم به . وعن نافع { آلان } بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام . { وقد كنتم به تستعجلون } تكذيبا واستهزاء .