قوله : " أثُمَّ " قد تقدَّم خلافُ الزمخشري للجمهور في ذلك ، حيث يقدِّر جملة بين همزة الاستفهام ، وحرف العطف ، و " ثمَّ " : حرفُ عطف .
واعلم : أنَّ دخول حرف الاستفهام على " ثُمَّ " كدخوله على " الواوِ " و " الفاء " في قوله : { أَوَ أَمِنَ أَهْلُ القرى } [ الأعراف : 98 ] ، { أفأمن أَهْلُ القرى } [ الأعراف : 97 ] وهو يفيد التَّقريع والتَّوبيخ ، وقال الطبري : " أثُمَّ " هذه بضمِّ الثاء ليست التي بمعنى : العطف ، وإنَّما هي بمعنى : " هنالك " وهذا لا يوافقُ عليه ؛ لأنَّ هذا المعنى لا يعرفُ في " ثُمَّ " بضم " الثاء " ، إلاَّ أنَّه قد قرأ طلحة{[18482]} بن مصرِّف : " أثَمَّ " بفتح الثاء ، وحينئذ يصحُّ تفسيرها بمعنى : هنالك .
قوله : " ألآن " قد تقدَّم الكلام في { الآن } [ البقرة : 72 ] ، وقرأ الجمهور : " ألآن " بهمزة الاستفهام داخله على " الآن " وقد تقدَّم مذاهبُ الفراء في ذلك ، و " الآن " نصب بمضمر تقديره : الآن آمنتم ، ودلَّ على هذا الفعل المقدَّر الفعلُ الذي تقدمهُ ، وهو قوله : { أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ } ولا يجوز أن يعمل فيه " آمنتُم " الظَّاهرُ ؛ لأنَّ ما قبل الاستفهام لا يعمل فيما بعده ، كما أنَّ ما بعده لا يعملُ فيما قبله ؛ لأنَّ له صدر الكلام ، وهذا الفعلُ المقدَّرُ ومعمولُه على إضمار قول ، أي : قيل لهم إذ آمنوا بعد وقوع العذابِ : آمنتُم الآن به ، وقرأ عيسى ، وطلحة : " آمنتم به الآن " بوصل الهمزة من غير استفهامٍ ، وعلى هذه القراءة ف " الآن " منصوبٌ ب " آمنتم " هذا الظَّاهر .
قوله : { وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } " وقَدْ كُنتُم " جملةٌ حاليةٌ ، قال الزمخشري : " وقد كُنتُم به تَستعجلُون ؛ يعني : تُكذِّبُونَ ؛ لأنَّ استعجالهم كان على جهةِ التَّكذيب ، والإنكار " .
فجعله من باب الكناية ؛ لأنَّه دلالةٌ على الشَّيء بلازمه ، نحو " هو طويلُ النَّجاد " كنيت به عن طُول قامته ؛ لأنَّ طولَ نجاده لازمٌ لطول قامته ، وهو باب بليغٌ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.