التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ} (78)

وقوله - تعالى - : { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي العظام وَهِيَ رَمِيمٌ } معطوف على الكلام المتقدم ، وداخل فى حيز الإِنكار .

أى : أن هذا الإِنسان الجاهل المجادل بالباطل ، لم يكتف بذلك ، بل ضرب لنا مثلاً هو فى غاية الغرابة ، حيث أنكر قدرتنا على إحياء الموتى ، وعلى بعثهم يوم القيامة ، فقال : - دون أن يفطن إلى أصل خلقته - من يحيى العظام وهى رميم ، أى : وهى بالية أشد البلى . فرميم بزنة فعيل بمعنى فاعل . من رَمَّ اللازم بمعنى بَلِىَ ، أو بمعنى مفعول ، من رم المتعدى بمعنى أبْلَى يقال : رمه إذا أبلاه . فيستوى فيه المذكر والمؤنث .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : لم سمى قوله : { مَن يُحيِي العظام وَهِيَ رَمِيمٌ } مثلاً ؟

قلت : لما دل عليه من قصة عجيبة شبيهة بالمثل ، وهى إنكار قدرة الله - تعالى - على إحياء الموتى .

. مع أن ما أنكر من قبيل ما يوصف الله - تعالى - بالقدرة عليه ، بدليل النشأة الأولى . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ} (78)

{ وضرب لنا مثلا } أمرا عجيبا وهو نفي القدرة على أحياء الموتى ، أو تشبيهه بخلقه بوصفه بالعجز عما عجزوا عنه . { ونسي خلقه } خلقنا إياه . { قال من يحيي العظام وهي رميم } منكرا إياه مستبعدا له ، والرميم ما بلي من العظام ولعله فعيل بمعنى فاعل من رم الشيء صار اسما بالغلبة ولذلك لم يؤنث ، أو بمعنى مفعول من رممته . وفيه دليل على أن العظم ذو حياة فيؤثر فيه الموت كسائر الأعضاء .