التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تُؤۡمِنَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَيَجۡعَلُ ٱلرِّجۡسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَعۡقِلُونَ} (100)

وقوله - سبحانه - { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله . . . } تأكيد لما اشتملت عليه الآية السابقة من قدرة نافذة لله - تعالى - أى : " وما صح وما استقام لنفس من الأنفس ، أن تؤمن في حال من الأحوال ، إلا بإذن الله " أى : إلا بإرادته ومشيئته وتوفيقه وهدايته .

وقوله : { وَيَجْعَلُ الرجس عَلَى الذين لاَ يَعْقِلُونَ } معطوف على محذوف يدل عليه الكلام السابق دلالة الضد على الضد ، والرجس : يطلق على الشيء القبيح المستقدر .

والمعنى : وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ، فيأذن لمن يشاء من تلك الأنفس بالإِيمان ، ويجعل الرجس أى الكفر وما يترتب عليه من عذاب على القوم الذين لم يستعملوا عقولهم فيما يهدى إلى الحق والخير ، بل استعملوها فيما يوصل إلى الاباطيل والشرور .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تُؤۡمِنَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَيَجۡعَلُ ٱلرِّجۡسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَعۡقِلُونَ} (100)

71

( وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ) :

وفق سنته الماضية التي بيناها . فلا تصل إلى الإيمان وقد سارت في الطريق الآخر الذي لا يؤدي إليه . لا أنها تريد الإيمان وتسلك طريقه ثم تمنع عنه ، فهذا ليس المقصود بالنص . بل المقصود انها لا تصل إلى الإيمان إلا إذا سارت وفق إذن الله وسنته في الوصول إليه من طريقه المرسوم بالسنة العامة . وعندئذ يهديها الله ويقع لها الإيمان بإذنه . فلا شيء يتم وقوعه إلا بقدر خاص به . إنما الناس يسيرون في الطريق . فيقدر الله لهم عاقبة الطريق ، ويوقعها بالفعل جزاء ما جاهدوا في الله ليهتدوا . .

ويدل على هذا عقب الآية :

( ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون ) . .

فالذين عطلوا عقولهم عن التدبر ، يجعل الرجس عليهم . والرجس أبشع الدنس الروحي ، فهؤلاء ينالهم ذلك الرجس بسبب تعطيلهم لمداركهم عن التعقل والتدبر ، وانتهاؤهم بهذا إلى التكذيب والكفران .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تُؤۡمِنَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَيَجۡعَلُ ٱلرِّجۡسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَعۡقِلُونَ} (100)

وقوله تعالى : { وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله } الآية ، رد إلى الله تعالى وإلى أن الحول والقوة لله ، في إيمان من يؤمن وكون الرجس على الكفار ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر «ونجعل الرجس » بنون العظمة ، وقرأ الباقون وحفص عن عاصم : «ويجعل » بالياء وقرأ الأعمش : «ويجعل » الله الرجس « ، و { الرجس } يكون بمعنى العذاب كالرجز ، ويكون بمعنى القذر والنجاسة ذكره أبو علي هنا وغيره وهو في هذه الآية بمعنى العذاب ، و { لا يعقلون } يريد آيات الله وحجج الشرع . ومعنى «الإذن »في هذه الآية الإرادة والتقدير لذلك ، فهو العلم والتمكين .