التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡۘ يَوۡمَ يَدۡعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيۡءٖ نُّكُرٍ} (6)

والفاء فى قوله - تعالى - : { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الداع إلى شَيْءٍ نُّكُرٍ } للتفريع على ما تقدم ، وهى تفيد السببية .

وقوله : { يَوْمَ يَدْعُ الداع } ظرف لقوله : { يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث } والداع : هو إسرافيل - عليه السلام - الذى ينفخ فى الصور بأمر الله - تعالى - .

والمراد بالنكر : الأمر الفظيع الهائل ، الذى لم تألفه النفوس ، ولم تر له مثيلا فى الشدة .

أى : إذا كان هذا حالهم من عدم إغناء النذر فيهم ، فتول عنهم - أيها الرسول الكريم - ، ولا تبال بهم ، واتركهم فى طغيانهم يعمهون ، وانتظر عليهم إلى اليوم الذى يدعوهم فيه الداعى ، إلى أمر فظيع عظيم ، تنكره النفوس ، لعدم عهدهم بمثله ، وهو يوم البعث والنشور .

قال الجمل : وقوله : { يَوْمَ يَدْعُ الداع } منصوب إما باذكر مضمرا . . . . وإما بيخرجون . . .

وحذفت الواو من " يدع " لفظا لالتقاء الساكنين ، ورسما تبعا للفظ ، وحذفت الياء من { الداع } للتخفيف . . . . والداع هو إسرافيل .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡۘ يَوۡمَ يَدۡعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيۡءٖ نُّكُرٍ} (6)

وعند هذا الحد من تصوير إعراضهم وإصرارهم ، وعدم انتفاعهم بالأنباء ، وقلة جدوى النذر مع هؤلاء . يتوجه الخطاب إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] للإعراض عنهم وتركهم يلاقون اليوم الذي لا يحفلون النذير باقترابه ، وهم يرون انشقاق القمر بين يدي مجيئه :

( تول عنهم يوم يدعو الداعي إلى شيء نكر ) .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡۘ يَوۡمَ يَدۡعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيۡءٖ نُّكُرٍ} (6)

{ فتول عنهم } لعلمك بأن الإنذار لا يغني فيهم . { يوم يدع الداع } إسرافيل ، ويجوز أن يكون الدعاء فيه كالأمر في قوله : { كن فيكون } وإسقاط الياء إكتفاء بالكسرة للتخفيف وانتصاب { يوم } ب { يخرجون } أو بإضمار اذكر . { إلى شيء نكر } فظيع تنكره النفوس لأنها لم تعهد مثله وهو هول يوم القيامة ، وقرأ ابن كثير بالتخفيف ، وقرئ " نكرا " بمعنى أنكر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡۘ يَوۡمَ يَدۡعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيۡءٖ نُّكُرٍ} (6)

{ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } .

تفريع على { فما تغن النذر } [ القمر : 5 ] ، أي أعرِضْ عن مجادلتهم فإنهم لا تفيدهم النذر كقوله : { فأعرض عمن تولى عن ذكرنا } [ النجم : 29 ] ، أي أنك قد بلّغت فما أنت بمسؤول عن استجابتهم كما قال تعالى : { فتول عنهم فما أنت بملوم } [ الذاريات : 54 ] . وهذا تسلية للنبيء صلى الله عليه وسلم وتطمين له بأنه ما قَصر في أداء الرسالة . ولا تعلّق لهذه الآية بأحكام قتالهم إذ لم يكن السياق له ولا حدثت دواعيه يومئذٍ فلا وجه للقول بأنها منسوخة .

{ يَوْمَ يَدْعُو الداع إلى شَىْءٍ نُّكُرٍ } .

استئناف بياني لأن الأمر بالتولّي مؤذن بغضب ووعيد فمن شأنه أن يثير في نفس السامع تساؤلاً عن مجمل هذا الوعيد . وهذا الاستئناف وقع معترضاً بين جملة { ولقد جاءهم من الأنباء } [ القمر : 4 ] وجملة { كذبت قبلهم قوم نوح } [ القمر : 9 ] .

وإذ قد كان المتوعد به شيئاً يحصل يوم القيامة قدم الظرف على عامله وهو { يقول الكافرون هذا يوم عسر } ليحصل بتقديمه إجمال يفصّله بعض التفصيل ما يُذكر بعده ، فإذا سمع السامع هذا الظرف علم أنه ظرف لأهوال تذكر بعده هي تفصيل ما أجمله قوله : { فتول عنهم } من الوعيد بحيث لا يحسن وقع شيء مما في هذه الجملة هذا الموقع غير هذا الظرف ، ولولا تقديمه لجاء الكلام غير موثوق العرى ، وانظر كيف جمع فيما بعد قوله : { يوم يدع الداع } كثيراً من الأهوال آخذٌ بعضها بحجز بعض بحسن اتصال ينقل كل منها ذهن السامع إلى الذي بعده من غير شعور بأنه يُعدّد له أشياءَ .

وقد عُدّ سبعة من مظاهر الأهوال :

أولها : دعاء الداعي فإنه مؤذن بأنهم محضرون إلى الحساب ، لأن مفعول { يدع } محذوف بتقدير : يدعوهم الداعي لدلالة ضمير { عنهم } على تقدير المحذوف .

الثاني : أنه يدعو إلى شيء عظيم لأن ما في لفظ { شيء } من الإِبهام يُشعر بأنه مهول ، وما في تنكيره من التعظيم يجسم ذلك الهول .

وثالثها : وصف شيء بأنه { نكر } ، أي موصوف بأنه تنكره النفوس وتكرهه .

والنكُر بضمتين : صفة ، وهذا الوزن قليل في الصفات ، ومنه قولهم : روضة أُنُف ، أي جديدة لم ترعها الماشية ، ورجل شُلُل ، أي خفيف سريع في الحاجات ، ورجل سُجُح بجيم قبل الحاء ، أي سمح ، وناقة أُجُد : قوية موثقة فَقار الظهر ، ويجوز إسكان عين الكلمة فيها للتخفيف وبه قرأ ابن كثير هنا .