روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡۘ يَوۡمَ يَدۡعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيۡءٖ نُّكُرٍ} (6)

{ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } الفاء للسببية والمسبب التولي أو الأمر به والسبب عدم الإغناء أو العلم به ، والمراد بالتولي إما عدم القتال ، فالآية منسوخة ، وإما ترك الجدال للجلاد فهي محكمة ، والظاهر الأول { يَوْمَ يَدْعُو الداع } ظرف ليخرجون أو مفعول به لأذكر مقدراً ، وقيل : لانتظر ، وجوز أن يكون ظرفاً لتغني ، أو لمستقر وما بينهما اعتراض ، أو ظرفاً ليقول الكافر أو لتول أي تول عن الشفاعة لهم يوم القيامة ، أو هو معمول له بتقدير إلى ، وعليه قول الحسن فتول عنهم إلى يوم .

والمراد استمرار التولي والكل كما ترى ، والداعي إسرافيل عليه السلام ، وقيل : جبرائيل عليه السلام ، وقيل : ملك غيرهما موكل بذلك ، وجوز أن يكون الدعاء للإعادة في ذلك اليوم كالأمر في { كُنْ فَيَكُونُ } [ يس : 82 ] على القول بأنه تمثيل ، فالداعي حينئذٍ هو الله عز وجل ، وحذفت الواو من { يَدُعُّ } لفظاً لالتقاء الساكنين ورسماً اتباعاً للفظ ، والياء من { الداع } تخفيفاً ، وإجراءاً لأل مجرى التنوين لأنها تعاقبه ، والشيء يحمل على ضده كما يحمل على نظيره { إلى شَىْء نُّكُرٍ } أي فظيع تنكره النفوس لعدم العهد بمثله وهو هول القيامة ويكنى بالنكر عن الفظيع لأنه في الغالب منكر غير معهود ، وجوز أن يكون من الإنكار ضد الإقرار وأيما كان فهو وصف على فعل بضمتين وهو قليل في الصفات ، ومنه روضة أنف لم ترع ، ورجل شلل خفيف في الحاجة سريع حسن الصحبة طيب النفس ، وسجح لين سهل ، وقرأ الحسن . وابن كثير . وشبل { نُّكُرٍ } بإسكان الكاف كما قالوا : شغل وشغل ، وعسر وعسر وهو إسكان تخفيف ، أو السكون هو الأصل والضم للاتباع ، وقرأ مجاهد . وأبو قلابة . والجحدري . وزيد بن علي { نُّكُرٍ } فعلاً ماضياً مبنياً للمفعول بمعنى أنكر .