مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡۘ يَوۡمَ يَدۡعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيۡءٖ نُّكُرٍ} (6)

قوله تعالى : { فتول عنهم } قد ذكرنا أن المفسرين يقولون إلى قوله : { تولى } منسوخ وليس كذلك ، بل المراد منه لا تناظرهم بالكلام .

ثم قال تعالى : { يوم يدعو الداع إلى شيء نكر } قد ذكرنا أيضا أن من ينصح شخصا ولا يؤثر فيه النصح يعرض عنه ويقول مع غيره : ما فيه نصح المعرض عنه ، ويكون فيه قصد إرشاده أيضا فقال بعدما قال : { فتول عنهم يوم يدعو الداع } { يخرجون من الأجداث } للتخويف ، والعامل في : { يوم } هو ما بعده ، وهو قوله : { يخرجون من الأجداث } والداعي معرف كالمنادي في قوله : { يوم يناد المناد } لأنه معلوم قد أخبر عنه ، فقيل : إن مناديا ينادي وداعيا يدعو وفي الداعي وجوه ( أحدها ) أنه إسرافيل و( ثانيها ) : أنه جبريل ( و( ثالثها ) : أنه ملك موكل بذلك والتعريف حينئذ لا يقطع حد العلمية ، وإنما يكون ذلك كقولنا : جاء رجل فقال : الرجل ، وقوله تعالى : { إلى شيء نكر } أي منكر وهو يحتمل وجوها ( أحدها ) : إلى شيء نكر في يومنا هذا لأنهم أنكروه أي يوم يدعو الداعي إلى الشيء الذي أنكروه يخرجون ( ثانيها ) : نكر أي منكر يقول : ذلك القائل كان ينبغي أن لا يكون أي من شأنه أن لا يوجد يقال : فلان ينهى عن المنكر ، وعلى هذا فهو عندهم كان ينبغي أن لا يقع لأنه يرديهم في الهاوية ، فإن قيل : ما ذلك الشيء النكر ؟ نقول : الحساب أو الجمع له أو النشر للجمع ، وهذا أقرب ، فإن قيل : النشر لا يكون منكرا فإنه إحياء ولأن الكافر من أين يعرف وقت النشر وما يجري عليه لينكره ؟ نقول : يعرف ويعلم بدليل قوله تعالى عنهم : { يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا } .