التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فِيهِنَّ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ لَمۡ يَطۡمِثۡهُنَّ إِنسٞ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنّٞ} (56)

ثم بين - سبحانه - ألوانا أخرى من نعيمهم فقال : { فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطرف لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } .

وقوله - سبحانه - : { قَاصِرَاتُ الطرف } صفة لموصوف محذوف . والطمث : كناية عن افتضاض البكارة . يقال : طمث الرجل امرأته - من باب ضرب وقتل - ، إذا أزال بكارتها . وأصل الطمث : الجماع المؤدى إلى خروج دم الفتاة البكر ، ثم أطلق على كل جماع وإن لم يكن معه دم .

أى : فى هاتين الجنتين اللتين أعدهما - سبحانه - لمن خاف مقامه . . . نساء قاصرات عيونهم على أزواجهن ، ولا يتلفتن إلى غيرهم . وهؤلاء النساء من صفاتهن - أيضا - أنهن أبكار ، لم يلمسهن ولم يزل بكارتهن أحد قبل هؤلاء الأزواج . . . وكأن هؤلاء النساء فى صفائهن وجمالهن وحمرة خدودهن . . . الياقوت والمرجان .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فِيهِنَّ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ لَمۡ يَطۡمِثۡهُنَّ إِنسٞ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنّٞ} (56)

ولكن هذا لا يستقصي ما فيهما من رفاهة ومتاع . فهناك بقية بهيجة لهذا المتاع :

( فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ) . . فهن عفيفات الشعور والنظر . لا تمتد أبصارهن إلى غير أصحابهن ، مصونات لم يمسسهن إنس ولا جن .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فِيهِنَّ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ لَمۡ يَطۡمِثۡهُنَّ إِنسٞ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنّٞ} (56)

ولما ذكر الفرش وعظمتها قال بعد ذلك : { فِيهِنَّ } أي : في الفرش { قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ } أي غضيضات عن غير أزواجهن ، فلا يرين شيئا أحسن في الجنة من أزواجهن . قاله ابن عباس ، وقتادة ، وعطاء الخراساني ، وابن زيد .

وقد ورد أن الواحدة منهن تقول لبعلها : والله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك ، ولا في الجنة شيئ أحب إلي منك ، فالحمد لله الذي جعلك لي وجعلني لك .

{ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ } أي : بل هن أبكار عرب أتراب ، لم يطأهن أحد قبل أزواجهن من الإنس والجن . وهذه أيضا من الأدلة على دخول مؤمني الجن الجنة .

قال أرطاة بن المنذر : سئل ضَمْرَةُ بن حبيب : هل يدخل الجن الجنة ؟ قال : نعم ، وينكحون ، للجن جنيات ، وللإنس إنسيات . وذلك قوله : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ . فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فِيهِنَّ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ لَمۡ يَطۡمِثۡهُنَّ إِنسٞ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنّٞ} (56)

فيهن في الجنان فإن جنتان تدل على جنان هي للخائفين أو فيما فيهما من الأماكن والقصور أو في هذه الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والفرش قاصرات الطرف نساء قصرن أبصارهن على أزواجهن لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان لم يمس الإنسيات إنس ولا الجنيات جن وفيه دليل على أن الجن يطمثون وقرأ الكسائي بضم الميم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فِيهِنَّ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ لَمۡ يَطۡمِثۡهُنَّ إِنسٞ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنّٞ} (56)

ضمير { فيهن } عائد إلى فرش وهو سبب تأخير نعم أهل الجنة بلذة التأنّس بالنساء عن ما في الجنات من الأفنان والعيون والفواكه والفرش ، ليكون ذكر الفرش مناسباً للانتقال إلى الأوانس في تلك الفرش وليجيء هذا الضمير مفيداً معنى كثيراً من لفظ قليل ، وذلك من خصائص الترتيب في هذا التركيب .

ف { قاصرات الطرف } كائنة في الجنة وكائنة على الفُرش مع أزواجهن قال تعالى : { وفرش مرفوعة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكاراً } [ الواقعة : 34 36 ] الآية .

و { قاصرات الطرف } : صفة لموصوف محذوف تقديره نساء ، وشاع المدح بهذا الوصف في الكلام حتى نُزّل منزلة الاسم ف { قاصرات الطرف } نساء في نظرهن مثل القصور والغضِّ خِلقة فيهن ، وهذا نظير ما يقول الشعراء من المولّدين مراض العيون ، أي : مثل المراض خِلقة . والقصور : مثل الغضِّ من صفات عيون المها والظباء ، قال كعب بن زهير :

وما سعاد غداةَ البين إذْ رحلُوا *** إلاّ أَغَنُّ غَضِيضُ الطرف مكحول

أي : كغضيض الطرف وهو الظبي .

والطمْث بفتح الطاء وسكون الميم مسيس الأنثى البِكر ، أي من أبكار . وعُبِّر عن البكارة ب { لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان } إطناباً في التحسين ، وقد جاء في الآية الأخرى { فجعلناهن أبكاراً } [ الواقعة : 36 ] . وهؤلاء هن نساء الجنة لا أزواج المؤمنين اللآئي كُنَّ لهم في الدنيا لأنهن قد يكنّ طمثهم أزواج فإن الزوجة في الجنة تكون لآخر من تزوجها في الدنيا .

وقرأ الجمهور { يطمثهن } هنا ، وفي نظيره الآتي بكسر الميم . وقرأه الدُوري عن الكسائي بضم الميم وهما لغتان في مضارع طمث . ونقل عن الكسائي : التخييرُ بين الضم والكسر .

وقوله : { إنس قبلهم } أي لم يطمثهن أحد قبل ، وقوله : { ولا جان } تتميم واحتراس وهو إطناب دعا إليه أن الجنة دار ثواب لصالحي الإِنس والجن فلما ذكر { إنس } نشأ توهم أن يمَسهن جن فدفع ذلك التوهم بهذا الاحتراس .