{ فيهن } أي في الجنتين المذكورتين ، لأن أقل الجمع اثنان أو لاشتمالها على أماكن وعلالي وقصور ومجالس ، قال الزجاج : وإنما قال { فيهن } لأنه عنى الجنتين وما أعد لصاحبهما فيهما من النعيم ، أو في هذه الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والفرش والجني وقيل : { فيهن } أي في الفراش التي بطائنها من إستبرق قال أبو حيان : وفيه بعد ، لأن الاستعمال أن يقال على الفراش كذا ولا يقال في الفراش كذا إلا بتكلف . ولذلك جمع الزمخشري مع الفرش غيرها حتى صح له أن يقول ذلك ، وقال الفراء : كل موضع في الجنة جنة فلذلك صح أن يقال فيهن .
{ قاصرات الطرف } من إضافة اسم الفاعل لمنصوبه تخفيفا إذ يقال قصر طرفه على كذا ، وحذف متعلق القصر للعلم به ، أي : إنهن يقصرن أبصارهن على أزواجهن المتكئين من الإنس والجن لا ينظرن إلى غيرهم ولا يرين سواهم والآية دلت على الحياء لأن الطرف حركة الجفن ، والحبيبة لا تحرك جفنها ولا ترفع رأسها وقد تقدم هذا في سورة الصافات قال ابن عباس : قاصرات الطرف عن غير أزواجهن قال الرازي : وانظر إلى حسن هذا الترتيب فإنه بين أولا المسكن وهو الجنة ، ثم بين ما يتنزه به وهو البستان والعيون الجارية ، ثم ذكر المأكول ، ثم ذكر موضع الراحة بعد الأكل ، وهو الفراش ، ثم ذكر ما يكون في الفراش معه ، ولما كان الاختصاص بالشيء من أعظم الملذذات قال :
{ لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان } الضمير راجع إلى الأزواج المدلول عليهم بقاصرات الطرف ، وقيل : يعود إلى المتكئين ، والجملة نعت لقاصرات لأن إضافتها لفظية ، كقوله : { هذا عارض ممطرنا } أو حال لتخصص النكرة بالإضافة قال الفراء : الطمث الإفتضاض ، وهو النكاح بالتدمية ، يقال : طمث الجارية إذا افترعها ، وقيل : الطمث المس ، أي : لم يمسسهن ، قاله أبو عمرو وقال المبرد : أي لم يذللهن ، والطمث التدليل ، ومن استعمال الطمث فيما ذكره الفراء قول الفرزدق :
دفعن إلى ولم يطمثن قبلي وهن أصح من بيض النعام
وفي السمين : أصل الطمث الجماع المؤدي إلى خروج دم البكر ، ثم أطلق على كل جماع طمث وإن لم يكن معه دم ، وقيل : الطمث دم الحيض ، أو دم الجماع ، قال الواحدي : قال المفسرون : لم يطأهن ولم يغشهن ولم يجامعهن قبلهم أحد ، ولم يتسلط عليهن ، قال مقاتل : لأنهن خلقن في الجنة ، وقيل : إنهن من نساء الدنيا أنشئن خلقا آخر ، أبكارا ، وقيل : هن الآدميات اللاتي متن أبكارا ، والأول أولى . قرأ الجمهور : يطمثن بكسر الميم ، وقرئ بضمها وبفتحها ، وفي هذه الآية ، بل في كثير من آيات هذه السورة ، دليل على أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا بالله سبحانه ، وعملوا بفرائضه ، وانتهوا عن مناهيه .
قال ابن عباس في الآية : لم يطمثهن لم يدن منهن ، أو لم يدمهن ، وفي الآية دليل على أن الجن يطمثون كما يطمثن الإنس ، فإن مقام الامتنان يقتضي ذلك إذ لو يطمثوا لم يحصل لهم الامتنان
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.