الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فِيهِنَّ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ لَمۡ يَطۡمِثۡهُنَّ إِنسٞ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنّٞ} (56)

ثم قال { فيهن قاصرات الطرف } [ 55 ] أي : في الفرش . وفي{[66529]} بمعنى على ، والمعنى : على الفرش حور قاصرات الطرف .

وقيل المعنى : في الجنتين وفيما أعد له قاصرات الطرف . فلذلك{[66530]} جمع " فيهن " ويجوز أن تكون الجنتان تشتمل على جنات ، فجمع " قيهن " على المعنى ، ألا ترى أن الجنة التي أمد الله عز وجل{[66531]} لأوليائه على جنات قد تقدم ذكرها وقد قال تعالى : { يدخلون الجنة }{[66532]} . ثم قال { جنات عدن }{[66533]} ، فأبدل من الجنة جنات لأنها تشتمل على جنات . وقيل هو جمع أتى في موضع التثنية/ ، كما قال { فقد صغت قلوبكما }{[66534]} وله نظائر تقدم{[66535]} ذكرها .

وقال{[66536]} الفراء كل موضع من الجنتين جنة ، فلذلك قال { فيهن }{[66537]} . ومعنى { قاصرات الطرف } أي : قصر أطرافهن على أزواجهن ، فلا ينظرن إلى غيرهم من الرجال . قال ابن زيد : لا ينظرن إلا إلى أزواجهن ، تقول الحوراء : وعزة ربي وجلاله وجماله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك ، فالحمد لله الذي جعلك زوجي وجعلني زوجك{[66538]} .

يقال قصره : إذا حبسه{[66539]} . فالمعنى فيهن حور حابسات طرفهن{[66540]} عن جميع الرجال إلا من أزواجهن{[66541]} .

روى أنه عني بهن الآدميات اللواتي يمتن أبكارا{[66542]} ، ودليل هذا قوله { لم يطمثهن إنس }{[66543]} يعني في الدنيا لم يدمهن ، لم{[66544]} يفتضضهن إنس قبل أزواجهن في الجنة ولا جان .

حكى الفراء طمثها{[66545]} يطمثها إذا أفتضها ، ولا يكون إلا بتدمية ، ومنه قيل للحائض : طامث{[66546]} .

وقال غير الفراء يقال{[66547]} طمثها : إذا وطئها{[66548]} على أي الوجوه كان{[66549]} . قال عكرمة : لم يطمثهن : لم ينكحهن{[66550]} ، والطمث : الجماع{[66551]} .

قال ابن عباس : لم يطمثهن ، لم يدمهن{[66552]} ، فإن قيل كيف ذكر الجان في الوطء ، فالجواب أن مجاهدا قال إذا جامع الرجل ولم يسم انطوى الجان على إحليله فجامع معه{[66553]} .

واستدل بعض العلماء بهذه الآية على أن الجن يدخلون الجنة ، فالإنسيات للإنس والجنيات للجن ، قاله ( ضمرة بن حبيب ){[66554]} .

وهذه الآية أيضا تدل على أن الجن يطئون .


[66529]:ح: "وقيل".
[66530]:ح: "فكذلك" وهو تحريف.
[66531]:ساقط من ع.
[66532]:النساء 123.
[66533]:الرعد: 25.
[66534]:التحريم: 4.
[66535]:ع: "قد تقدم".
[66536]:ع: "قال".
[66537]:انظر: معاني الفراء 3/120 والبحر المحيط 8/198.
[66538]:انظر: جامع البيان 27/87، واللسان 3/98.
[66539]:انظر: الصحاح 2/794، واللسان 3/98.
[66540]:ع: "نظرهن".
[66541]:انظر: العمدة 293.
[66542]:وهو قول ابن عباس في التفسير القيم 461.
[66543]:"أنس قبلهم ولا جان".
[66544]:ع: "أي".
[66545]:ح: "أطمثها".
[66546]:انظر: العمدة 293، ومعاني الفراء 3/119، والتفسير القيم 460، وتفسير القرطبي 17/181، وتفسير الغريب 442.
[66547]:ع: "يقول".
[66548]:ع: "وطاها" وهو تحريف.
[66549]:انظر: تفسير القرطبي 17/181.
[66550]:ع: "يجامعهن".
[66551]:انظر: الدر المنثور 7/711.
[66552]:انظر: جامع البيان 27/87.
[66553]:انظر: تفسير مجاهد 639 وجامع البيان 27/88، والتفسير القيم 461 وتفسير القرطبي 17/181 والدر المنثور 7/711.
[66554]:ح: "صمرة بن خبيب" وهو تحريف. وهو ضمرة بن حبيب بن صهيب الزبيدي: بضم الزاي أو عتبة الحمصي، ثقة من الرابعة، مات سنة ثلاثين. انظر: تقريب التهذيب 1/374.