إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فِيهِنَّ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ لَمۡ يَطۡمِثۡهُنَّ إِنسٞ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنّٞ} (56)

وقوله تعالى : { فِيهِنَّ } أيْ في الجنانِ المَدلُولِ عليها بقولِه تعالَى : { جَنَّتَانِ } [ سورة سبأ ، الآية 15 . وسورة الرحمن ، الآية 46 و62 ] لِما عرفتَ أنَّهما لكلِّ خائفينِ منَ الثقلينِ أوْ لكلِّ خائفٍ حسبَ تعددِ عملِه ، وقد اعتُبرَ الجمعيةُ في قولِه تعالَى متكئينَ وقيلَ فيما فيهما من الأماكنِ والقصورِ وقيلَ في هذِه الآلاءِ المعدودةِ من الجنتينِ والعينينِ والفاكهةِ والفرشِ . { قاصرات الطرف } نساءٌ يقصُرنَ أبصارَهُنَّ على أزواجِهنَّ لا ينظرنَ إلى غيرِهم { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ } أي لم يَمسَّ الإنسياتِ أحدٌ من الإنسِ ولا الجنياتِ أحدٌ من الجنِّ قبلَ أزواجِهنَّ المدلولَ عليهُم بقاصراتُ الطرفِ ، وقيلَ : بقولِه تعالى متكئينَ ، وفيه دليلٌ على أنَّ الجِنَّ يطمثُونَ . وقُرِئَ يَطْمُثْهنَّ بضمِّ الميمِ . والجملةُ صفةٌ لقاصراتُ الطرفِ ، لأنَّ إضافتَها لفظيةٌ ، أو حالٌ منَها لتخصصِها بالإضافةِ . { فَبِأَيّ آلاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } .