وقوله - سبحانه - : { يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ } استئناف فى جواب سؤال مقدر عما سيصيبهم إذا ما حاولوا الفرار .
والشواظ : اللهب الذى لا يخالطه دخان ، لأنه قد تم اشتعاله فصار أشد إحراقا .
والنحاس : المراد به هنا الدخان الذى لا لهب فيه ، ويصح أن يراد به : الحديد المذاب . أى : أنتم لا تستطيعون الهرب من قبضتنا بأى حال من الأحوال ، وإذا حاولتم ذكل ، أرسلنا عليكم وصببنا على رءوسكم لهبا خالصا فأحرقكم ، ودخانا لا لهب معه فكتم أنفاسكم ، وفى هذه الحالة لا تنتصران ، ولا تبلغان ما تبغيانه ، ولا تجدان من يدفع عنكم عذابنا وبأسنا .
هذا والمتأمل فى تلك الآيات الكريمة . يراها قد صورت بأسلوب بديع تفرد الله - تعالى - بالملك والبقاء ، وافتقار الخلائق جميعا إلى عطائه ، وأنهم جميعا فى قبضته ، ولن يستطيعوا الهروب من حكمه فيهم .
ولكن الحملة الساحقة تستمر إلى نهايتها ، والتهديد الرعيب يلاحقهما ، والمصير المردي يتمثل لهما :
( يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ) . . ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ? ) !
إنها صورة من الهول فوق مألوف البشر - وفوق مألوف كل خلق - وفوق تصور البشر وتصور كل خلق . وهي صورة فريدة ، وردت لها نظائر قليلة في القرآن ، تشبهها ولا تماثلها . كما قال تعالى مرة : ( وذرني والمكذبين أولي النعمة ) . . وكما قال : ( ذرني ومن خلقت وحيدا ) . . وما يزال قوله تعالى : ( سنفرغ لكم أيها الثقلان ) . . أعنف وأقوى وأرعب وأدهى . .
القول في تأويل قوله تعالى : { يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مّن نّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * فَإِذَا انشَقّتِ السّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدّهَانِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } . يقول تعالى ذكره : يُرْسَلُ عَليكُمَا أيها الثقلان يوم القيامة شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وهو لهبها من حيث تشتعل وتؤجّج بغير دخان كان فيه ومنه قول رُؤْبة بن العجّاج :
إنّ لَهُمْ مِنْ وَقْعِنا أقْياظا *** ونارُ حَرْب تُسْعِرُ الشّوَاظا
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : شُوَاظٌ مِنْ نارٍ يقول : لَهَب النار .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُوَاظٌ مِنْ نارٍ يقول : لهب النار .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : شُوَاظٌ مِنْ نارٍ قال : لهب النار .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد الزّبيري ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُوَاظٌ مِنْ نارٍ قال : اللهب المتقطع .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا حكام ، قال : حدثنا عمرو ، عن منصور ، عن مجاهد يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُوَاظٌ مِنْ نارٍ قال : الشّواظ : الأخضر المتقطع من النار .
قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد في قوله يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُوَاظٌ مِنْ نارٍ قال الشّواظ : هذا اللهب الأخضر المتقطع من النار .
قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، في قوله : يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُوَاظٌ مِنْ نارٍ قال : الشواظ : اللهب الأخضر المتقطع من النار .
قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الضحاك : الشّوَاظُ : اللهب .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُوَاظٌ مِنْ نارٍ : أي لهب من نار .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة شُوَاظٌ مِنْ نارٍ قال : لهب من نار .
وحدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُوَاظٌ مِنْ نارٍ قال : الشواظ : اللهب ، وأما النحاس فالله أعلم بما أراد به .
وقال آخرون : الشّواظ : هو الدخان الذي يخرج من اللهب .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله شُوَاظٌ مِنْ نارٍ الدخان الذي يخرج من اللهب ليس بدخان الحطب .
واختلفت القرّاء في قراءة قوله : شُوَاظٌ ، فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة والبصرة ، غير ابن أبي إسحاق شُوَاظٌ بضم الشين ، وقرأ ذلك ابن أبي إسحاق ، وعبد الله بن كثير «شِوَاظٌ مِنْ نارٍ » بكسر الشين ، وهما لغتان ، مثل الصِوار من البقر ، والصّوار بكسر الصاد وضمها . وأعجب القراءتين إليّ ضمّ الشين ، لأنها اللغة المعروفة ، وهي مع ذلك قراءة القرّاء من أهل الأمصار .
وأما قوله : ونُحاسٌ فإن أهل التأويل اختلفوا في المعنيّ به ، فقال بعضهم : عُنِي به الدخان . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : حدثنا موسى بن عمير ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في قوله : ونُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ قال : النحاس : الدخان .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ونُحاسٌ دخان النار .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، قوله : ونُحاسٌ قال : دخان .
وقال آخرون : عني بالنحاس في هذا الموضع : الصّفر . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، ونُحاسٌ قال : النحاس : الصفر يعذّبون به .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ونُحاسٌ قال : يذاب الصفر من فوق رؤوسهم .
قال : ثنا حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن مجاهد ونُحاسٌ قال : يذاب الصفر فيصبّ على رأسه .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ونُحاسٌ يذاب الصفر فيصبّ على رؤوسهم .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ونُحاسٌ قال : توعدهما بالصّفر كما تسمعون أن يعذّبهما به .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن مروان ، قال : حدثنا أبو العوّام ، عن قتادة يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُوَاظٌ مِنْ نارٍ ونُحاسٌ قال : يخوّفهم بالنار وبالنحاس .
وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال : عُنِي بالنحاس : الدخان ، وذلك أنه جلّ ثناؤه ذكر أنه يرسل على هذين الحيّين شواظ من نار ، وهو النار المحضة التي لا يخلطها دخان . والذي هو أولى بالكلام أنه توعدهم بنار هذه صفتها أن يُتبع ذلك الوعد بما هو خلافها من نوعها من العذاب دون ما هو من غير جنسها ، وذلك هو الدخان ، والعرب تسمي الدخان نُحاسا بضم النون ، ونِحاسا بكسرها ، والقرّاء مجمعة على ضمها ، ومن النّحاس بمعنى الدخان ، قول نابغة بني ذُبيان :
يَضُوءُ كَضَوْء سِرَاج السّلي *** طِ لمْ يجْعَل اللّهُ فيهِ نُحاسا
وقوله : فَلا تَنْتَصِرَانِ يقول تعالى ذكره : فلاتنتصران أيها الجن والإنس منه إذا هو عاقبكما هذه العقوبة ، ولا تُستنقذان منه . كما :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة فَلا تَنْتَصِرَانِ قال : يعني الجنّ والإنس .
والشواظ : لهب النار . قاله ابن عباس وغيره . وقال أبو عمرو بن العلاء : لا يكون الشواظ إلا من النار وشيء معها ، وكذلك النار كلها لا تحس إلا وشيء معها . وقال مجاهد : الشواظ ، هو اللهب الأخضر المتقطع ، ويؤيد هذا القول . قول حسان بن ثابت يهجو أمية بن أبي الصلت :
هجوتك فاختضعت حليفا ذل . . . بقاقية تؤجج كالشواظ{[10832]}
وقال الضحاك : هو الدخان الذي يخرج من اللهب وليس بدخان الحطب .
وقرأ الجمهور : «شُواظ » بضم الشين . وقرأ ابن كثير وحده{[10833]} وشبل وعيسى : «شِواظ » بكسر الشين وهما لغتان .
وقال ابن عباس وابن جبير : النحاس الدخان ، ومنه قول الأعشى : [ المتقارب ]
تضيء كضوء سراج السليط . . . لم يجعل الله فيه نحاسا{[10834]}
السليط دهن السراج . في النسخ التي بأيدينا دهن الشيرج .
وقرأ جمهور القراء : «ونحاسٌ » بالرفع عطفاً على { شواظ } ، فمن قال إن النحاس : هو المعروف ، وهو قول مجاهد وابن عباس أيضاً قال يرسل عليهما نحاس : أي يذاب ويرسل عليهما . ومن قال هو الدخان ، قال ويعذبون بدخان يرسل عليهما . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والنخعي وابن أبي إسحاق : «ونحاسٍ » بالخفض عطفاً على { نار } ، وهذا مستقيم على ما حكيناه عن أبي عمرو بن العلاء . ومن رأى الشواظ يختص بالنار قدر هنا : وشيء من نحاس . وحكى أبو حاتم عن مجاهد أنه قرأ : «ونِحاسٍ » بكسر النون والجر . وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة أنه قرأ : «ونَحُسّ » بفتح النون وضم الحاء والسين المشددة ، كأنه يقول : ونقتل بالعذاب{[10835]} . وعن أبي جندب أنه قرأ : «ونحس » ، كما تقول : يوم نحس ، وحكى أبو عمرو مثل قراءة مجاهد عن طلحة بن مصرف ، وذلك لغة في نحاس ، وقيل هو جمع نحس .
ومعنى الآية : مستمر في تعجيز الجن والإنس ، أي أنتما بحال من يرسل عليه هذا فلا ينتصر .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
قوله: {يرسل عليكما شواظ من نار} يعني كفار الجن والإنس في الآخرة شواظ من نار، يعني لهب النار ليس له دخان {ونحاس} يعني الصفر الذائب... {فلا تنتصران} يعني فلا تمتنعان من ذلك...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره:"يُرْسَلُ عَليكُمَا "أيها الثقلان يوم القيامة "شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ" وهو لهبها من حيث تشتعل وتؤجّج بغير دخان كان فيه...
وقال آخرون: الشّواظ: هو الدخان الذي يخرج من اللهب...
وأما قوله: "ونُحاسٌ" فإن أهل التأويل اختلفوا في المعنيّ به؛ فقال بعضهم: عُنِي به الدخان...
وقال آخرون: عني بالنحاس في هذا الموضع: الصّفر... عن ابن عباس، ونُحاسٌ قال: النحاس: الصفر يعذّبون به.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: عُنِي بالنحاس: الدخان، وذلك أنه جلّ ثناؤه ذكر أنه يرسل على هذين الحيّين شواظ من نار، وهو النار المحضة التي لا يخلطها دخان. والذي هو أولى بالكلام أنه توعدهم بنار هذه صفتها أن يُتبع ذلك الوعد بما هو خلافها من نوعها من العذاب دون ما هو من غير جنسها، وذلك هو الدخان، والعرب تسمي الدخان نُحاسا بضم النون، ونِحاسا بكسرها، والقرّاء مجمعة على ضمها...
وقوله: "فَلا تَنْتَصِرَانِ" يقول تعالى ذكره: فلا تنتصران أيها الجن والإنس منه إذا هو عاقبكما هذه العقوبة، ولا تُستنقذان منه...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
ووجه النعمة في إرسال الشواظ من النار والنحاس على الثقلين هو ما لهم في ذلك من الزجر في دار التكليف عن مواقعة القبيح، وذلك نعمة جزيلة، فلذلك قال "فبأي آلاء ربكما".
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
ومعنى الآية: مستمر في تعجيز الجن والإنس، أي أنتما بحال من يرسل عليه هذا فلا ينتصر.
ما وجه تعلق الآية بما قبلها؟ نقول: إن قلنا يا معشر الجن والإنس نداء ينادي به يوم القيامة، فكأنه تعالى قال: يوم (يرسل عليكما شواظ من نار) فلا يبقى لكما انتصار إن استطعتما النفوذ فانفذا، وإن قلنا: إن النداء في الدنيا، فنقول قوله: {إن استطعتم} إشارة إلى أنه لا مهرب لكم من الله فيمكنكم الفرار قبل الوقوع في العذاب ولا ناصر لكم فيخلصكم من النار بعد وقوعكم فيها وإرسالها عليكم، فكأنه قال: إن استطعتم الفرار لئلا تقعوا في العذاب ففروا ثم إذا تبين لكم أن لا فرار لكم ولا بد من الوقوع فيه فإذا وقعتم فيه وأرسل عليكم فاعلموا أنكم لا تنصرون فلا خلاص لكم إذن، لأن الخلاص إما بالدفع قبل الوقوع وإما بالرفع بعده، ولا سبيل إليهما...
{يرسل عليكما} فهو لبيان الإرسال على النوعين لا على كل واحد منهما لأن جميع الإنس والجن لا يرسل عليهم العذاب والنار، فهو يرسل على النوعين ويتخلص منه بعض منهما بفضل الله ولا يخرج أحد من الأقطار أصلا، وهذا يتأيد بما ذكرنا أنه قال: لا فرار لكم قبل الوقوع، ولا خلاص لكم عند الوقوع لكن عدم الفرار عام وعدم الخلاص ليس بعام... {فلا تنتصران} نفي لجميع أنواع الانتصار، فلا ينتصر أحدهما بالآخر، ولا هما بغيرهما،... وإن كان الكفار يقولون في الدنيا: {نحن جميع منتصر} والانتصار التلبس بالنصرة، يقال لمن أخذ الثأر انتصر منه كأنه انتزع النصرة منه لنفسه وتلبس بها.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
{شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ} سيل من نار. والمعنى على كل قول: لو ذهبتم هاربين يوم القيامة لردتكم الملائكة والزبانية بإرسال اللهب من النار والنحاس المذاب عليكم لترجعوا؛ ولهذا قال: {فَلا تَنْتَصِرَانِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
(يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران).. (فبأي آلاء ربكما تكذبان؟)! إنها صورة من الهول فوق مألوف البشر -وفوق مألوف كل خلق- وفوق تصور البشر وتصور كل خلق. وهي صورة فريدة، وردت لها نظائر قليلة في القرآن، تشبهها ولا تماثلها. كما قال تعالى مرة: (وذرني والمكذبين أولي النعمة).. وكما قال: (ذرني ومن خلقت وحيدا).. وما يزال قوله تعالى: (سنفرغ لكم أيها الثقلان).. أعنف وأقوى وأرعب وأدهى..
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وضمير {عليكما} راجع إلى الجنّ والإِنس فهو عام مراد به الخصوص بالقرينة، وهي قوله بعده: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} [الرحمن: 46] الآيات. وهذا تصريح بأنهم معاقبون بعد أن عُرض لهم بذلك تعريضاً بقوله: {إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا} [الرحمن: 33]. ومعنى {يرسل عليكما} أن ذلك يعترضهم قبل أن يَلجوا في جهنم، أي تقذفون بشُواظ من نار تعجيلاً للسوء...
والمضارع للحال، أي ويرسل عليكما الآن شواظ...
والشواظ بضم الشين وكسرها: اللهب الذي لا يخالطه دخان لأنه قد كمل اشتعاله وذلك أشد إحراقاً...
[...] والمعنى عليه: أن الدخان الذي لم تلحقهم مضرته والاختناق به بسبب شدة لهب الشواظ يضاف إلى ذلك الشواظ على حياله فلا يفلتون من الأمرينِ...