التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (17)

ثم بين - سبحانه - مظاهر فضله ورحمته على هذه الآمة ، حيث جعل كتابه ميسرا فى حفظه وفهمه ، فقال - تعالى - : { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } .

أى : والله لقد سهلنا القرآن { لِلذِّكْرِ } أى : للتذكر والحفظ ، بأن أنزلناه فصيحا فى ألفاظه ، بليغا فى تراكيبه ، واضحا فى معانيه ، سهل الحفظ لمن أراد أن يحفظه . . . فهل من معتبر ومتعظ ، بقصصه ، ووعده ، ووعيده ، وأمره ، ونهيه ؟

وقد وردت هذه الآية فى أعقاب قصة نوح وهود وصالح ولوط - عليهم السلام - ، لتأكيد مضمون ما سبق فى قوله - تعالى - : { وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ الأنبآء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النذر } وللتنبيه والإشعار بأن كل قصة من تلك القصص جديرة بإيجاب الاتعاظ ، وكافية فى الاعتبار والازدجار { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السمع وَهُوَ شَهِيدٌ } والمقصود بالآية الكريمة التحضيض على حفظ القرآن الكريم والاعتبار بمواعظه ، والعمل بما فيه من تشريعات حكيمة ، وآداب قويمة ، وهدايات سامية . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (17)

وهذا هو القرآن حاضرا ، سهل التناول ، ميسر الإدراك ، فيه جاذبية ليقرأ ويتدبر . فيه جاذبية الصدق والبساطة ، وموافقة الفطرة واستجاشة الطبع ، لا تنفد عجائبه ، ولا يخلق على كثرة الرد . وكلما تدبره القلب عاد منه بزاد جديد . وكلما صحبته النفس زادت له ألفة وبه أنسا :

( ولقد يسرنا القرآن للذكر ، فهل من مدكر ? ) . .

وهذا هو التعقيب الذي يتكرر ، بعد كل مشهد يصور . . ويقف السياق عنده بالقلب البشري يدعوه دعوة هادئة إلى التذكر والتدبر ، بعد أن يعرض عليه حلقة من العذاب الأليم الذي حل بالمكذبين .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (17)

وقوله : وَلَقَدْ يَسّرْنا القُرْآنَ للذّكْرِ يقول تعالى ذكره : ولقد سهّلنا القرآن ، بيّناه وفصّلناه للذكر ، لمن أراد أن يتذكر ويعتبر ويتعظ ، وهوّناه . كما :

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : يَسّرْنا القُرْآنَ للذّكْرِ قال : هوّناه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلَقَدْ يَسّرْنا القُرْآنَ للذّكْرِ قال : يسّرنا : بيّنا .

وقوله : فَهَلْ مِنْ مُدّكِرْ يقول : فهل من معتبر متعظ يتذكر فيعتبر بما فيه من العبر والذكر .

وقد قال بعضهم في تأويل ذلك : هل من طالب علم أو خير فيُعان عليه ، وذلك قريب المعنى مما قلناه ، ولكنا اخترنا العبارة التي عبرناها في تأويله ، لأن ذلك هو الأغلب من معانيه على ظاهره . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَلَقَدْ يَسّرْنا القُرْآنَ للذّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدّكِر يقول : فهل من طالب خير يُعان عليه .

حدثنا الحسين بن عليّ الصّدَائيّ ، قال : حدثنا يعقوب ، قال : ثني الحارث بن عبيد الإياديّ ، قال : سمعت قتادة يقول في قول الله : فَهَلْ مِنْ مُدّكِرٍ قال : هل من طالب خير يُعان عليه .

حدثنا عليّ بن سهل ، قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة أو أيوب بن سويد أو كلاهما ، عن ابن شَوْذَب ، عن مطر ، في قوله : وَلَقَدْ يَسّرْنا القُرْآنَ للذّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدّكِرٍ قال : هل من طالب علم فيعان عليه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (17)

{ ولقد يسرنا القرآن } سهلناه أو هيأناه من يسر ناقته للسفر إذا رحلها . { للذكر } للادكار والاتعاظ بأن صرفنا فيه أنواع المواعظ والعبر ، أو للحفظ بالاختصار وعذوبة اللفظ { فهل من مدكر } متعظ .