التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يُضَٰعَفۡ لَهُ ٱلۡعَذَابُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَيَخۡلُدۡ فِيهِۦ مُهَانًا} (69)

وقوله { يُضَاعَفْ لَهُ العذاب يَوْمَ القيامة } بدل من " يلق " بدل كل من كل .

أى : يضاعف العذاب يوم القيام لمن يرتكب شيئا من ذلك { وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً } أى : ويخلد فى ذلك العذاب خلودا مصحوبا بالذلة والهوان والاحتقار .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يُضَٰعَفۡ لَهُ ٱلۡعَذَابُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَيَخۡلُدۡ فِيهِۦ مُهَانًا} (69)

قوله : يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيامَةِ . اختلفت القرّاء في قراءته ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار سوى عاصم يُضَاعَفْ جزما ويَخْلُدْ جزما . وقرأه عاصم : يضَاعَفُ رفعا وَيَخْلُدُ رفعا كلاهما على الابتداء ، وأن الكلام عنده قد تناهى عند : يَلْقَ أثاما ثم ابتدأ قوله : يُضَاعَفُ لهُ العَذَابُ .

والصواب من القراءة عندنا فيه : جزم الحرفين كليهما : يضاعفْ ، ويخلدْ ، وذلك أنه تفسير للأثام لا فعل له ، ولو كان فعلاً له كان الوجه فيه الرفع ، كما قال الشاعر :

مَتى تأْتِهِ تَعْشُو إلى ضَوْءِ نارِهِ *** تَجِدْ خيرَ نارٍ عِنْدَها خَيْرُ مُوقِدِ

فرفع تعشو ، لأنه فعل لقوله تأته ، معناه : متى تأته عاشيا .

وقوله : ويَخْلُدْ فِيهِ مُهانا ويبقى فيه إلى ما لا نهاية في هوان . وقوله : إلاّ مَنْ تَابَ وآمَنَ وعَمِلَ عَمَلاً صَالِحا يقول تعالى ذكره : ومن يفعل هذه الأفعال التي ذكرها جلّ ثناؤه يلقَ أثاما إلاّ مَنْ تابَ يقول : إلا من راجع طاعة الله تبارك وتعالى بتركه ذلك ، وإنابته إلى ما يرضاه الله وآمَنَ يقول : وصدق بما جاء به محمد نبيّ الله وعَمِلَ عَمَلاً صَالِحا يقول : وعمل بما أمره الله من الأعمال ، وانتهى عما نهاه الله عنه . )

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يُضَٰعَفۡ لَهُ ٱلۡعَذَابُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَيَخۡلُدۡ فِيهِۦ مُهَانًا} (69)

جملة : { يضاعف له العذاب } بدلُ اشتمال من { يلق أثاماً } ، وإبدال الفعل من الفعل إبدال جملة فإن كان في الجملة فعل قابلٌ للإعراب ظهر إعراب المحل في ذلك الفعل لأنه عِماد الجملة . وجُعل الجزاء مضاعفة العذاب والخلود .

فأما مضاعفة العذاب فهي أن يعذّب على كل جُرم مما ذكر عذاباً مناسباً ولا يكتفَى بالعذاب الأكبر عن أكبر الجرائم وهو الشرك ، تنبيهاً على أن الشرك لا ينجي صاحبه من تبعة ما يقترفه من الجرائم والمفاسد ، وذلك لأن دعوة الإسلام للناس جاءت بالإقلاع عن الشرك وعن المفاسد كلها . وهذا معنى قول من قال من العلماء بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة يَعنون خطاب المؤاخذة على ما نُهوا عن ارتكابه ، وليس المراد أنهم يُطلب منهم العمل إذ لا تقبل منهم الصالحات بدون الإيمان ، ولذلك رام بعض أهل الأصول تخصيص الخلاف بخطاب التكليف لا الاتلاف والجنايات وخطاب الوضع كله .

وأما الخلود في العذاب فقد اقتضاه الإشراك .

وقوله : { مهاناً } حال قصد منها تشنيع حالهم في الآخرة ، أي يعذّب ويُهان إهانة زائدة على إهانة التعذيب بأن يشتم ويحقر .

وقرأ الجمهور : { يضاعفْ } بألف بعد الضاد وبجزم الفعل . وقرأه ابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقُوب { يضعَّف } بتشديد العين وبالجزم . وقرأه ابن عامر وأبو بكر عن عاصم { يضاعفُ } بألف بعد الضاد وبرفع الفعل على أنه استئناف بياني .