ثم قال - سبحانه - : { وَمِن شَرِّ النفاثات فِي العقد } وأصل النفاثات جمع نفَّاثَة ، وهذا اللفظ صيغة مبالغة من النَّفث ، وهو النفخ مع ريق قليل يخرج من الفم .
والعُقَد : جمع عُقْدة من العَقْدِ الذى هو ضد الحل ، وهى اسم لكل ما ربط وأحكم ربطه .
والمراد بالنفاثات فى العقد : النساء السواحر ، اللائى يعقدن عقدا فى خيوط وينفثن عليها من أجل السحر .
وجئ بصيغة التأنيث فى لفظ " النفاثات " ؛ لأن معظم السحرة كن من النساء .
ويصح أن يكون النفاثات صفة للنفوس التي تفعل ذلك ، فيكون هذا اللفظ شاملا للذكور والإِناث .
وقيل : المراد بالنفاثات فى العقد : النمامون الذين يسعون بين الناس والفساد ، فيقطعون بما أمر الله به أن يوصل . . وعلى ذلك تكون في " النفاثة " للمبالغة كعلامة وفهامة ، وليست للتأنيث .
أي : وقل - أيضا - أستجير بالله - تعالى - من شرور السحرة والنمامين ، ومن كل الذين يفسدون فى الأرض ولا يصلحون .
وقوله : { وَمِنْ شَرّ النّفّاثاتِ فِي الْعُقَدِ } يقول : ومن شرّ السواحر اللاتي ينفُثن في عُقَد الخيط ، حين يَرْقِين عليها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { وَمِنْ شَرّ النّفّاثاتِ فِي الْعُقَدِ } قال : ما خالط السّحر من الرّقَى .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن عوف ، عن الحسن { وَمِنْ شَرّ النّفّاثاتِ فِي الْعُقَدِ } قال : السواحر والسّحَرة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : تلا قتادة : { وَمِنْ شَرّ النّفّاثاتِ فِي الْعُقَدِ } قال : إياكم وما خالط السّحر من هذه الرّقَى .
قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : ما من شيء أقرب إلى الشرك من رُقْية المجانين .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : كان الحسن يقول إذا جاز{ وَمِنْ شَرّ النّفّاثاتِ فِي العُقَدِ } قال : إياكم وما خالط السحر .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد وعكرِمة { النّفّاثاتِ فِي الْعُقَدِ } قال : قال مجاهد : الرّقى في عُقَد الخيط ، وقال عكرِمة : الأخذ في عقد الخيط .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَمِنْ شَرّ النّفّاثاتِ فِي الْعُقَدِ } قال : النفاثات : السواحر في العقد .
و { النفاثات في العقد } السواحر ، ويقال : إن الإشارة أولاً إلى بنات لبيد بن الأعصم اليهودي كن ساحرات ، وهن اللواتي سحرن مع أبيهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وعقدن له إحدى عشرة عقدة ، فأنزل الله تعالى إحدى عشرة آية بعد العقد ، هي المعوذتان ، فشفى الله النبي صلى الله عليه وسلم{[12040]} ، والنفث شبه النفخ دون تفل ريق ، وهذا النفث هو على عقد تعقد في خيوط ونحوها على اسم المسحور فيؤذى بذلك ، وهذا الشأن في زمننا موجود شائع في صحراء المغرب ، وحدثني ثقة أنه رأى عند بعضهم خيطاً أحمر قد عقد فيه عقد على فصلان ، فمنعت بذلك رضاع أمهاتها ، فكان إذا حل جرى ذلك الفصيل إلى أمه في الحين فرضع ، أعاذنا الله من شر السحر والسحرة بقدرته .
وقرأ عبد الله بن القاسم والحسن وابن عمر : «النافثات في العقد » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.