قوله : { وَمِن شَرِّ النفاثات فِي العقد } ، النَّفَّاثات : جمع نفاثة ، مثال مبالغة من نفث ، أي : نفخ ، واختلف فيه .
فقال أبو الفضل : شبه النفخ من الفم بالرقية ، ولا شيء معه .
5369- فإنْ يَبْرَأ فلمْ أنفُثْ عليْهِ *** وإنْ يُفْقَدْ فحُقَّ لهُ الفُقُودُ{[61155]}
وقال الزمخشري{[61156]} : «النفخُ مع ريق » .
وقرأ الحسن{[61157]} : «النُّفَّاثات » بضم النون ، وهو اسم كالنفاثة . ويعقوب وعبد الرحمن بن سابط وعيسى بن عمر وعبد الله بن القاسم : «النافثات » ، وهي محتملة لقراءة العامة .
والحسن{[61158]} وأبو الربيع : «النفثات » دون ألف محاذر وحذر ، ونكّر غاسقاً وحاسداً ؛ لأنه قد يتخلف الضرر فيهما ؛ فإن التنكير للتبعيض ، وعرف النفاثات إما للعهد كما يروى في التفسير ، وإما للمبالغة في الشَّر .
قال المفسرون : يعني السَّاحرات اللائي ينفثن في عقد الخيط حين يرقين عليها .
قال أبو عبيدة : النفاثات هي بنات لبيد بن أعصم اليهودي سحرن النبي صلى الله عليه وسلم .
5370- أعُوذُ بربِّي مِنَ النَّافِثَا *** تِ في عِضَهِ العَاضهِ المُعْضِهِ{[61159]}
وقال متمم بن نويرة : [ السريع ]
5371- نَفَثْتُ فِي الخيْطِ شَبيهَ الرُّقَى *** مِنْ خَشْيةِ الجِنَّة والحَاسدِ{[61160]}
روى النسائي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ عَقَدَ عُقدةً ثُمَّ نفث فيها ، فقد سحر ، ومن سحر فقد أشرك ، ومن تعلَّق شيئاً وكلَ إليْهِ »{[61161]} .
واختلف في النَّفث عند الرقى : فمنعه قوم ، وأجازه آخرون .
قال عكرمة : لا ينبغي للراقي أن ينفث ، ولا يمسح ، ولا يعقد{[61162]} .
قال إبراهيم : كانوا يكرهون النفث من الراقي ، والصحيح الجواز ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث في الرقية .
وروي محمد بن حاطب أن يده احترقت ، فأثبت النبي صلى الله عليه وسلم ، فجعل ينفث عليها ، ويتكلم بكلام ، وزعم أنه لم يحفظه .
وروي أن قوماً لدغ فيهم رجل ، فأتوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : هل فيكم من راقٍ ؟ فقالوا : لا ، حتى تجعلوا لنا شيئاً ، فجعلوا لهم قطيعاً من الغنم ، فجعل رجل منهم يقرأ فاتحة الكتاب ويرقى ويتفل حتى برئ ، فأخذوها ، فلما رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له فقال : وما يدريكم أنها رقية ؟ خذوا واضربوا لي معكم سهماً .
وأما ما روي عن عكرمة فكأنه ذهب فيه إلى أن النفث في العقد مما يستعاذ به ، بخلاف النفث بلا عقد .
قال ابن الخطيب{[61163]} : هذه الصناعة إنما تعرف بالنِّساء ؛ لأنهن يعقدن في الخيط ، وينفثن ، وذلك لأن الأصل الأعظم فيه ربط القلب بذلك الأمر ، وإحكام الهمَّة والوهم فيه ، وذلك إنما يتأتَّى من النساء لقلة عملهن ، وشدة شهوتهن ، فلا جرم كان هذا العمل منهن أقوى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.