ولما كان السحر أعظم ما يكون لما فيه من تفريق المرء من زوجه وأبيه وابنه ونحو ذلك ، عقب ذلك بقوله تعالى : { ومن شرّ النفاثات في العقد } ، أي : النساء ، أو النفوس ، أو الجماعات السواحر اللواتي تعقد عقداً في خيوط ، وينفثن عليها ، ويرقين عليها ، والنفث : النفخ مع ريق . وقال أبو عبيدة : النفاثات من بنات لبيد بن أعصم اليهودي ، سحرن النبيّ صلى الله عليه وسلم . فإن قيل : ما معنى الاستعاذة من شرّهن ؟ أجيب بثلاثة أوجه :
أحدها : أنه يستعاذ من عملهنّ الذي هو صنعة السحر ، ومن إثمهنّ في ذلك .
ثانيها : أن يستعاذ من فتنتهنّ الناس بسحرهنّ ، وما يخدعنهم به من باطلهنّ .
ثالثها : أن يستعاذ مما يصيب الله به من الشر عند نفثهنّ .
قال الزمخشري : ويجوز أن يراد بهنّ النساء الكيادات من قوله تعالى : { إنّ كيدكنّ عظيم } [ يوسف : 28 ] ، تشبيهاً لكيدهنّ بالسحر والنفث في العقد ، أو اللاتي يفتنّ الرجال بتعرضهنّ لهم ، وعرضهنّ محاسنهنّ كأنهنّ يسحرنهم بذلك .
تنبيه : اختلف في النفث في الرقي ، فجوّزه الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، ويدل عليه حديث عائشة قالت : «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوّذتين » .
وروى محمد بن حاطب : «أنّ يده احترقت ، فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فجعل ينفث عليها ، ويتكلم بكلام ، زعم أنه لم يحفظه » .
وروي «أنّ قوماً لدغ رجل منهم ، فأتوا أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : هل فيكم من راق ؟ قالوا : لا ، حتى تجعلوا لنا شيئاً ، فجعلوا لهم قطيعاً من الغنم ، فجعل رجل منهم يقرأ فاتحة الكتاب ويرقي ويتفل حتى برئ ، فأخذوه ، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : وما يدريك أنها رقية ؟ خذوا ، واضربوا لي معكم بسهم » .
وأنكر جماعة النفث والتفل في الرقي ، وأجازوا النفخ بلا ريق . وقال عكرمة : لا ينبغي للراقي أن ينفث ولا يمسح ولا يعقد .
وقيل : إنّ النفث في العقد إنما يكون مذموماً إذا كان سحراً مضراً بالأرواح والأبدان ، وإذا كان النفث لإصلاح الأرواح والأبدان فلا يضر ، وليس بمذموم ولا مكروه ؛ بل هو مندوب إليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.