{ ومِن شَرِّ النّفّاثاتِ في العُقَدِ } قال أهل التأويل : من السواحر ينفثن في عقد الخيوط للسحر ، قال الشاعر :
أعوذ بربي من النافثا *** تِ في عِضَه العاضه المعْضِه{[3380]}
وربما فعل قوم في الرقى مثل ذلك ، طلباً للشفاء ، كما قال متمم بن نويرة :
نَفَثْت في الخيط شبيه الرُّقَى *** من خشيةِ الجِنّة والحاسدِ .
وقد روى الحسن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ، ومن سحر فقد أشرك ، ومن تعلق شيئاً وكل إليه " .
والنفث : النفخ في العقد بلا ريق ، والتفل : النفخ فيها بريق .
وفي { شر النفاثات في العقد } ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه إيهام للأذى ، وتخيل للمرض من غير أن يكون له تأثير في الأذى والمرض ، إلا استشعار ربما أحزن ، أو طعام ضار ربما نفذ بحيلة خفية .
الثاني : أنه قد يؤذي بمرض لعارض ينفصل فيتصل بالمسحور ، فيؤثر فيه كتأثير العين ، وكما ينفصل من فم المتثائب ما يحدث في المقابل له مثله .
الثالث : أنه قد يكون ذلك بمعونة من خدم الجن ، يمتحن الله بعض عباده .
فأما المروي من سحر النبي صلى الله عليه وسلم فقد أثبته أكثرهم ، وأن قوماً من اليهود سحروه ، وألقوا عقدة سحره في بئر حتى أظهره الله عليها .
روى أبو صالح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم اشتكى شكوى شديدة ، فبينا هو بين النائم واليقظان إذا ملكان أحدهما عند رأسه ، والآخر عند رجليه ، فقال أحدهما : ما شكواه ؟ فقال الآخر : مطبوب ، ( أي مسحور ، والطب : السحر ) قال : ومن طبّه ؟ قال : لبيد بن الأعصم اليهودي ، فطرحه في بئر ذروان تحت صخرة فيها ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر فاستخرج السحر منها ، ويروى أن فيه إحدى عشرة عقدة ، فأمر بحل العقد ، فكان كلما حل عقدة وجد راحة ، حتى حلت العقد كلها ، فكأنما أنشط من عقال ، فنزلت عليه المعوذتان ، وهما إحدى عشرة آية بعدد العقد ، وأمر أن يتعوذ بهما{[3381]} .
وأنكره آخرون ، ومنعوا منه في رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن صح في غيره ، لما في استمراره عليه من خبل العقل ، وأن الله تعالى قد أنكر على من قال في رسوله حيث يقول : { إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.