وأما النفث فهو النفخ بريق . وقيل : النفخ فقط . والعقد : جمع عقدة . والسبب فيه أن الساحر إذا أخذ في قراءة الرقية أخذ خيطاً ولا يزال يعقد عليه عقداً بعد عقد ، وينفث في تلك العقد . ووجه التأنيث إما الجماعة ؛ لأن اجتماع السحرة على عمل واحد أبلغ تأثيراً ، وإما لأن هذه الصناعة إنما تعرف بالنساء لأنهن يعقدن وينفثن ، وذلك أن الأصل الكلي في ذلك الفن هو ربط القلب ، وتعليق الوهم بذلك الأمر ، وأنه في النساء أوفر لقلة علمهن ، وشدّة شهوتهن . وقال أبو عبيدة : إنهن بنات لبيد بن الأعصم اليهودي اللاتي سحرن النبي صلى الله عليه وسلم . وقال أبو مسلم : العقد عزائم الرجال ، والنفث حلها ؛ لأن من يريد حل عقدة الحبل ينفث عليه بريق يقذفه عليه ، ليصير حله سهلاً . والمعنى : إن النساء لكثرة حيلهن يتصرفن في عزائم الرجال يحوّلنهم من رأي إلى رأي ، ومن عزيمة إلى عزيمة ، فأمر الله رسوله بالتعوّذ من شرهن ، وهذا القول مناسب لما جاء في مواضع أخر من القرآن { إن من أزواجكم وأولادكم عدوّاً لكم فاحذروهم } [ التغابن :14 ] ، { إن كيدكن عظيم } [ يوسف :28 ] ، والاستعاذة منهن الاستعاذة من إثم عملهن ، أو من فتنتهن الناس بسحرهن ، أو من إطعامهن الأطعمة الردية المورثة للجنون ، و الموت . والحاسد هو الذي تشتد محبته لإزالة نعمة الغير إليه حتى لو تمكن من ذلك بالحيل لفعل ، فلذلك أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالتعوذ منه ، وقد دخل في هذه السورة كل شر يتوقى ويتحرّز منه ديناً ودنيا ، فلذلك لما نزلت فرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بها لكونها مع أختها جامعة في التعوذ من كل شيء ؛ بل قوله { من شر ما خلق } عام ، والبواقي تخصيص بعد تعميم ، تنبيهاً على أنها أعظم الشرور ، وأهم شيء يستعاذ منه . وعرفت النفاثات ؛ لأن كل نفاثة شريرة ، ونكر { غاسق } و { حاسد } ؛ لأنه ليس كل غاسق بشره ؛ بل الليل للغاسقين شر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.