الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّـٰثَٰتِ فِي ٱلۡعُقَدِ} (4)

{ النفاثات } النساء ، أو النفوس ، أو الجماعات السواحر اللاتي يعقدن عقداً في خيوط ، وينفثن عليها ، ويرقين : والنفث النفخ من ريق ، ولا تأثير لذلك ، اللهم إلاّ إذا كان ثم إطعام شيء ضار ، أو سقيه ، أو إشمامه ، أو مباشرة المسحور به على بعض الوجوه ؛ ولكن الله عزّ وجلّ قد يفعل عند ذلك فعلاً على سبيل الامتحان الذي يتميز به الثبت على الحقّ من الحشوية والجهلة من العوام ، فينسبه الحشوية والرعاع إليهنّ وإلى نفثهن ، والثابتون بالقول الثابت لا يلتفتون إلى ذلك ، ولا يعبئون به .

فإن قلت : فما معنى الاستعاذة من شرّهن ؟ قلت : فيها ثلاثة أوجه ، أحدها : أن يستعاذ من عملهن الذي هو صنعة السحر ومن إثمهنّ في ذلك .

والثاني : أن يستعاذ من فتنتهنّ الناس عند نفثهن ، ويجوز أن يراد بهنّ النساء الكيادات ، من قوله : { إن كيدكن عظيم } [ يوسف : 28 ] تشبيهاً لكيدهن بالسحر والنفث في العقد . أو اللاتي يفتن الرجال بتعرضهنّ لهم ومحاسنهنّ ، كأنهنّ يسحرنهم بذلك .