تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّـٰثَٰتِ فِي ٱلۡعُقَدِ} (4)

الآية4 وقوله تعالى : { ومن شر النفاثات في العقد } فهذا تعوذ من ( شر كل ){[24229]} بحسب سببه ، لكنه في الحقيقة فعل لهم ، وفي الأول يقع سببه بلا صنيع لهم ، فكأنه في الجملة أمر بالتعوذ من كل أسباب خفية{[24230]} ، تولد الشر منه ، فعلا كان ذلك{[24231]} أو لم يكن .

ألا ترى إلى قوله تعالى : { فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور } ؟ ( لقمان : 33و . . . ) .

وقد يكون للشيطان فعل في الحقيقة ، ولا يكون للحياة الدنيا فعل ، فوقع النهي عن الاغترار بهما ، فعلى ذلك التعوذ من شر الأمرين ، وإن لم يكن لأحدهما فعل بما يقع فيه .

وجائز أن يكون من هذا الوجه في الملائكة ( محنة ){[24232]} في الدفع والحفظ كقوله تعالى : { له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله } ( الرعد : 11 ) . قيل فيه : أي بأمر الله يقع حفظه .

فجائز أن يكون في هذه الأمور الخفية وأنواع المضار من حيث لا يعلم إلا بعد جهد يقع الحفظ بالله تعالى على استعمال الملائكة .

وعلى ذلك يجوز أن يكون أمر سلامة المطاعم والمشارب والمنافع التي للبشر من إفساد الجن ، يحفظه من ذكر ، ليكون فيها محنة للملائكة على ما كان مكان وسواس الشيطان إيقاظ الملائكة ومعونتهم .

ويحتمل أن يكون الله لم يمكنهم إفساد ما ذكرنا ، وإن مكنهم الوسواس ، إذ باللطف يمنع من حيث لا يعلم .

وقيل أيضا : من أمر الله عذابه وأنواع البلايا إلى وقت إرادة الله تعالى الوقوع .


[24229]:في الأصل وم: شرهم
[24230]:في الأصل وم: خيف
[24231]:جاء بعدها في الأصل وم: له
[24232]:من نسخة الحرم المكي ساقطة من الأصل وم