التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (17)

ثم أمره بالمحافظة على الصلاة وبالأمر بالمعروف ، وبالنهى عن المنكر وبالصبر على الأذى ، فقال : { يابني أَقِمِ الصلاة } أى : واظب على أدائها فى أوقاتها بخشوع وإخلاص لله رب العالمين .

{ وَأْمُرْ بالمعروف } أى بكل ما حض الشرع على قوله أو فعله { وانه عَنِ المنكر } أى : عن كل ما نهى الشرع عن قوله أو فعله .

{ واصبر على مَآ أَصَابَكَ } من الأذى ، فإن الحياة مليئة بالشدائد والمحن والراحة إنما هى فى الجنة فقط .

واسم الإِشارة فى قوله : { أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمور } يعود إلى الطاعات المذكورة قبله . وعزم الأمور : أعاليها ومكارمها . أو المراد بها ما أوجبه الله - تعالى - على الإِنسان .

قال صاحب الكشاف : { إِنَّ ذَلِكَ } مما عزمها لله من الأمور ، أى : قطعه قطع إيجاب وإلزام . . ومنه الحديث : " إن الله يحب أن يؤخذ برخصة كما يحب أن يؤخذ بعزائمه " ومنه عزمات الملوك ، وذلك أن يقول الملك لبعض من تحت يده ، عزمت عليك إلا فعلت كذا . فإذا قال ذلك لم يكن للمعزوم عليه بد من فعله ، ولا مندوحة فى تركه .

وناهيك بهذه الآية مؤذنة بقدم هذه الطاعات ، وأنها كانت مأمورا بها فى سائر الأمم ، وأن الصلاة لم تزل عظيمة الشأن ، سابقة القدم على ما سواها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (17)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَبُنَيّ أَقِمِ الصّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىَ مَآ أَصَابَكَ إِنّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الاُمُورِ } .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل لقمان لابنه يا بُنَيّ أقِمِ الصّلاةَ بحدودها وأمُرْ بالمَعْرُوفِ يقول : وأمر الناس بطاعة الله ، واتباع أمره وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ يقول : وانه الناس عن معاصي الله ومواقعة محارمه وَاصْبِرْ عَلى ما أصَابَكَ يقول : واصبر على ما أصابك من الناس في ذات الله إذا أنت أمرتهم بالمعروف ، ونهيتهم عن المنكر ، ولا يصدّنك عن ذلك ما نالك منهم إنّ ذلكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ يقول : إن ذلك مما أمر الله به من الأمور عزما منه . وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، في قوله : يا بُنَي أقِمِ الصلاةَ وأْمرْ بالمَعْروفِ وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ وَاصْبِرْ على ما أصَابَكَ قال : اصبر على ما أصابك من الأذى في ذلك إنّ ذَلكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ قال : إن ذلك مما عزم الله عليه من الأمور ، يقول : مما أمر الله به من الأمور .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (17)

ثم وصى ابنه بعظم الطاعات وهي الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا إنما يريد به بعد أن يمتثل هو في نفسه ويزدجر عن المنكر وهنا هي الطاعات والفضائل أجمع ، وقوله { واصبر على ما أصابك } يقتضي حضاً على تغيير المنكر وإن نال ضرراً فهو إشعار بأن المغير يؤذي أحياناً ، وهذا القدر هو على جهة الندب والقوة في ذات الله ، وأما على اللزوم فلا .

وقوله تعالى { إن ذلك من عزم الأمور } يحتمل أن يريد مما عزمه الله وأمر به ، قاله ابن جريج ، ويحتمل أن يريد أن ذلك من مكارم الأخلاق وعزم أهل الحزم والسالكين طريق النجاة ، والأول أصوب ، وبكليهما قالت طائفة{[9369]} .


[9369]:قال أبو حيان: "والظاهر أنه يريد لازمات الأمور الواجبة، لأن الإشارة بـ [ذلك] إلى جميع ما أمر به ونهى عنه". هذا والعزم مصدر، فيحتمل أن يراد به المفعول، أي: من معزوم الأمور، ويحتمل أن يراد به الفاعل، أي: عازم الأمور: كقوله سبحانه: {فإذا عزم الأمر}.