التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡيِۚ وَلَا يَسۡمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ} (45)

ثم أمر الله - تعالى - رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يوجه إلى هؤلاء المشركين إنذاراً حاسما ، فقال - تعالى - : { قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بالوحي . . . } .

أى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين : إنى بعد أن بينت لكم ما بينت من هدايات وإرشادات أنذركم عن طريق الوحى الصادق ، بأن الساعة آتيى لا ريب فيها ، فلا تستعجلوا ذلك فكل آت قريب ، وسترون فيها ما ترون من أهوال وعذاب .

وقوله { وَلاَ يَسْمَعُ الصم الدعآء إِذَا مَا يُنذَرُونَ } توبيخ لهم وتجهيل .

أى : ولا يسمع الصم دعاء من يدعوهم إلى ما ينفعهم ، ولا يلتفتون إلى إنذار من ينذرهم وذلك لكمال جهلهم ، وشدة عنادهم ، وانطماس بصائرهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡيِۚ وَلَا يَسۡمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ} (45)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ إِنّمَآ أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلاَ يَسْمَعُ الصّمّ الدّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء القائلين فليأتنا بآية كما أرسل الأولون : إنما أنذركم أيها القوم بتنزيل الله الذي يوحيه إلى من عنده ، وأخوّفكم به بأسه . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : قُلْ إنّمَا أُنْذِرُكُمْ بالوَحْيِ أي بهذا القرآن .

وقوله : وَلا يَسْمَعُ الصّمّ الدّعاءَ اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار : ولا يَسْمَعُ بفتح الياء من «يَسْمَعُ » بمعنى أنه فعل للصمّ ، و«الصمّ » حينئذ مرفوعون . ورُوي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه كان يقرأ : «وَلا تُسْمعُ » بالتاء وضمها ، فالصمّ على هذه القراءة مرفوعة ، لأن قوله : «وَلا تُسْمِعُ » لم يسمّ فاعله ، ومعناه على هذه القراءة : ولا يسمع الله الصمّ الدعاء .

قال أبو جعفر : والصواب من القراءة عندنا في ذلك ما عليه قرّاء الأمصار لإجماع الحجة من القرّاء عليه . ومعنى ذلك : ولا يصغي الكافر بالله بسمع قلبه إلى تذكر ما في وحي الله من المواعظ والذكر ، فيتذكر به ويعتبر ، فينزجر عما هو عليه مقيم من ضلاله إذا تُلى عليه وأُريد به ولكنه يعرض عن الاعتبار به والتفكر فيه ، فعل الأصمّ الذي لا يسمع ما يقال له فيعمل به .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : وَلا يَسْمَعُ الصّمّ الدّعاءَ إذَا ما يُنْذَرُونَ يقول : إن الكافر قد صمّ عن كتاب الله لا يسمعه ، ولا ينتفع به ولا يعقله ، كما يسمعه المؤمن وأهل الإيمان .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡيِۚ وَلَا يَسۡمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ} (45)

{ قل إنما أنذركم بالوحي } بما أوحي إلي . { ولا يسمع الصم الدعاء } وقرأ ابن عامر ولا تسمع الصم على خطاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وقرىء بالياء على أن فيه ضميره ، وإنما سماهم { الصم } ووضعه موضع ضميرهم للدلالة على تصامهم وعدم انتفاعهم بما يسمعون . { إذا ما ينذرون } منصوب ب { يسمع } أو ب { الدعاء } والتقييد به لأن الكلام في الإنذار أو للمبالغة في تصامهم وتجاسرهم .