التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ لَطِيفُۢ بِعِبَادِهِۦ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡعَزِيزُ} (19)

ثم بين - سبحانه - أنه رءوف رحيم بعباده فقال : { الله لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ } أى : حفى بهم ، عطوف عليهم ، يفيض عليهم جميعا من صنوف بره مالا تحصيه العقول ، ومن مظاهر ذلك أنه لا يعاجلهم بالعقوبة ، مع مجاهرتهم بمعصيته ، وأنه يرزقهم جميعا مع أن أكثرهم لا يشكرونه على نعمه .

وقوله { يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ } أى : يبسط رزقه ويوسعه لمن يشاء من خلقه { وَهُوَ } سبحانه { القوي العزيز } أى : وهو العظيم القوة الغالب على كل من سواه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱللَّهُ لَطِيفُۢ بِعِبَادِهِۦ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡعَزِيزُ} (19)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ اللّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ الْقَوِيّ الْعَزِيزُ * مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الاَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِن نّصِيبٍ }

يقول تعالى ذكره : الله ذو لطف بعباده ، يرزق من يشاء فيوسع عليه ويقترّ على من يشاء منهم وَهُوَ القَوِيّ الذي لا يغلبه ذو أيدٍ لشدّته ، ولا يمتنع عليه إذا أراد عقابه بقدرته العَزِيزُ في انتقامه إذا انتقم من أهل معاصيه مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الاَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ يقول تعالى ذكره : من كان يريد بعمله الاَخرة نزد له في حرثه : يقول : نزد له في عمله الحسن ، فنجعل له بالواحدة عشراً ، إلى ما شاء ربنا من الزيادة وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدّنيْا نُؤْتِهِ مِنْها يقول : ومن كان يريد بعمله الدنيا ولها يسعى لا للاَخرة ، نؤته منها ما قسمنا له منها وما لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ يقول : وليس لمن طلب بعمله الدنيا ، ولم يرد الله به في ثواب الله لأهل الأعمال التي أرادوه بأعمالهم في الدنيا حظّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الاَخرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ . . . إلى وَما لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ قال : يقول : من كان إنما يعمل للدنيا نؤته منها .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الاَخِرَةِ نَزِدْ له فِي حَرْثِهِ ، وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدّنْيا . . . الاَية ، يقول : من آثر دنياه على آخرته لم نجعل له نصيباً في الاَخرة إلا النار ، ولم نزده بذلك من الدنيا شيئاً إلا رزقاً قد فرغ منه وقسم له .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الاَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ قال : من كان يريد الاَخرة وعملها نزد له في عمله وَمنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدّنيْا نُؤْتِهِ مِنْها . . . إلى آخر الاَية ، قال : من أراد الدنيا وعملها آتيناه منها ، ولم نجعل له في الاَخرة من نصيب الحرث العمل ، من عمل للاَخرة أعطاه الله ، ومن عمل للدنيا أعطاه الله .

حدثني محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : مَنْ كانَ يُرِدُ حَرْثَ الاَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ قال : من كان يريد عمل الاَخرة نزد له في عمله .

وقوله : وَما لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ قال : للكافر عذاب أليم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ لَطِيفُۢ بِعِبَادِهِۦ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡعَزِيزُ} (19)

{ الله لطيف بعباده } بر بهم بصنوف من البر لا تبلغها الأفهام . { يرزق من يشاء } أي يرزقه كما يشاء فيخص كلا من عباده بنوع من البر على ما اقتضته حكمته . { وهو القوي } الباهر القدرة . { العزيز } المنيع الذي لا يغلب .