السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱللَّهُ لَطِيفُۢ بِعِبَادِهِۦ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡعَزِيزُ} (19)

ولما أنزل الله عليهم الكتاب المشتمل على هذه الدلائل اللطيفة ، كان ذلك من لطف الله تعالى بعباده كما قال عز من قائل : { الله } أي : الذي له الأمر كله { لطيف } أي : بالغ في اللطف والعلم وإيقاع الإحسان { بعباده } وقال ابن عباس : حق بهم ، وقال عكرمة : بارّ بهم وقال السدي : رفيق بهم ، وقال القشيري : اللطيف : العالم بدقائق الأمور وغوامضها ، وقال الرازي : هو اسم مركب من علم ورحمة ورفق خفي أما لطفه بالمؤمنين فواضح ، وأما الكافر فأقل لطفه به أنه لا يعاجله في الدنيا ولا يعذبه فوق ما يستحق في الأخرى ، وقال مقاتل : لطيف بالبر والفاجر حيث لم يهلكهم جوعاً بمعاصيهم بدليل قوله تعالى : { يرزق من يشاء } أي : مهما شاء على سبيل من السعة والضيق أو التوسعة لا مانع له من شيء من ذلك ، فكل من رزقه الله تعالى من مؤمن وكافر وذي روح فهو ممن يشاء الله تعالى أن يرزقه ، قال جعفر الصادق : اللطف في الرزق من وجهين ؛ أحدهما : أنه جعل رزقك من الطيبات والثاني : أنه لم يدفعه إليك مرة واحدة { وهو القوي } أي : القادر على ما يشاء { العزيز } فلا يقدر أحد أن يمنعه عن شيء يريده .