تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱللَّهُ لَطِيفُۢ بِعِبَادِهِۦ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡعَزِيزُ} (19)

الآية 19 وقوله تعالى : { الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز } من الناس من قال : إن الآية ، وإن جاءت مجيئا عاما فهي خاصة للمؤمنين : هو لطيف أي بارٌّ بالمؤمنين ، ومنهم من يقول : إن الآية للفريقين جميعا . للكافر والمؤمن .

فأما في الآخرة فهو رحيم بار بالمؤمنين خاصة .

ويحتمل أن يكون [ رحيما بارًّا ]{[18716]} بالفريقين . أما في حق المؤمنين فلا{[18717]} شك أنه بار رحيم بهم ، وأما الكفرة [ فهو ]{[18718]} بار في حقهم حين{[18719]} أخّر عنهم العذاب في الدنيا .

ثم في حق المحنة يجوز أن يوصف بالرحمة في الفريقين جميعا [ على ]{[18720]} ما ذكرنا .

فإن قيل إنه وصف [ نفسه ]{[18721]} بالحلم والرحمة ، وقد أخبر أنه يعذّبهم في الآخرة . قيل : إنه وإن عذّبهم فإن ذلك لا يُخرجه عن الحلم والرحمة ، لأنه لو ترك تعذيبهم يكون سفيها لأنهم قد استحقوا بالكفر التعذيب أبدا ، وليس في التعذيب خروج عن الرحمة والحلم ، بل في ترك التعذيب سفه وخروج عن الحكمة . لذلك كان ما ذكرنا ، والله الموفق .

وقوله تعالى : { يرزق من يشاء } قد ذكرنا في قوله تعالى : { يبسط الرزق لمن يشاء } [ الرعد : 26 والعنكبوت : 62 ] تأويله ومعناه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وهو القوي العزيز } هذا يخرَّج على وجهين :

أحدهما : أنه لا يقوى بشيء مما أمرهم به ، وامتحنهم ، ولا يعز بذلك ، لأنه قوي بذاته عزيز بنفسه .

والثاني : { القوي } في الانتقام والانتصار من أعدائه لأوليائه { العزيز } الذي لا يُعجزه شيء ، ولا يلحقه الذل في ترك الطاعة والائتمار .


[18716]:في الأصل وم: رحيم بار.
[18717]:الفاء ساقطة من الأصل وم.
[18718]:ساقطة من الأصل وم.
[18719]:في الأصل وم: حين.
[18720]:ساقطة من الأصل وم.
[18721]:ساقطة من الأصل وم.