غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ٱللَّهُ لَطِيفُۢ بِعِبَادِهِۦ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡعَزِيزُ} (19)

1

ثم إنه لا ريب في أن إنزال الكتاب والميزان لطف من الله على خلقه فلذلك قال { الله لطيف بعباده } عمم البر ثم خصص بقوله { يرزق من يشاء } يعني الزائد على مقدار الضرورة ، فلكم من إنسان فاق أقرانه في المال أو الجاه أو الأولاد أو في العلم أو في سائر أسباب المزية إلا أن أحداً منهم لا يخلو من بره الذي يتعيش به كقوله { أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } [ طه : 50 ] وقيل : معنى لطيف يرزقهم من حيث لا يعلمون ، أو يلطف بهم فلا يعاجلهم بالعقوبة ليتوبوا . وقد مر معناه في الأنعام بوجه آخر في قوله { وهو اللطيف الخبير } [ الآية : 103 ] وأما قوله { القوي العزيز } ففيه إشارة إلى أن لطفه مقرون بقهره . وحين ذكر أنه يرزق من يشاء الزائد على مقدار كفايته وكان فيه كسر قلوب أرباب الضنك والضيق جبر كسرهم بقوله : { من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب } .

/خ1