مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{ٱللَّهُ لَطِيفُۢ بِعِبَادِهِۦ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡعَزِيزُ} (19)

ثم قال : { الله لطيف بعباده } أي كثير الإحسان بهم ، وإنما حسن ذكر هذا الكلام هاهنا لأنه أنزل عليهم الكتاب المشتمل على هذه الدلائل اللطيفة ، فكان ذلك من لطف الله بعباده ، وأيضا المتفرقون استوجبوا العذاب الشديد ، ثم إنه تعالى أخر عنهم ذلك العذاب فكان ذلك أيضا من لطف الله تعالى ، فلما سبق ذكر إيصال أعظم المنافع إليهم ودفع أعظم المضار عنهم ، لا جرم حسن ذكره هاهنا ، ثم قال : { يرزق من يشاء } يعني أن أصل الإحسان والبر عام في حق كل العباد ، وذلك هو الإحسان بالحياة والعقل والفهم ، وإعطاء ما لا بد منه من الرزق ، ودفع أكثر الآفات والبليات عنهم ، فأما مراتب العطية والبهجة فمتفاوتة مختلفة .

ثم قال : { وهو القوي } أي القادر على كل ما يشاء { العزيز } الذي لا يغالب ولا يدافع .