التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَقَدِمۡنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنۡ عَمَلٖ فَجَعَلۡنَٰهُ هَبَآءٗ مَّنثُورًا} (23)

ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك وعيدا آخر لهؤلاء الكافرين فقال : { وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } .

والهباء : الشيء الدقيق الذى يخرج من النافذة مع ضوء الشمس شبيها بالغبار .

والمنثور : المتفرق فى الجو بحيث لا يتأتى جمعه أو حصره .

أي وقدمنا : وقصدنا وعمدنا - بإرادتنا وحكمتنا إلى ما عمله هؤلاء الكافرون من عمل صالح فى الدنيا - كالإحسان إلى الفقراء ، والإنفاق فى وجوه الخير - فجعلناه باطلا ضائعا ، ممزقا كل ممزق ، لأنهم فقدوا شرط قبوله عندنا ، وهو إخلاص العبادة لنا .

فقد شبه - سبحانه - أعمالهم الصالحة فى الدنيا فى عدم انتفاعهم بها يوم القيامة - بالهباء المنثور ، الذى تفرق وتبدد وصار لا يرجى خير من ورائه لحقارته وتفاهته .