السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقَدِمۡنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنۡ عَمَلٖ فَجَعَلۡنَٰهُ هَبَآءٗ مَّنثُورًا} (23)

ولما كان المريد لإبطال شيء لشدة كراهته له لا يقنع في إبطاله بغيره بل يأتيه بنفسه فيبطله ، عبر تعالى بقوله : { وقدمنا } أي : وعمدنا بما لنا من العظمة والقدرة الباهرة في ذلك اليوم الذي يرون فيه الملائكة سواء كان في الدنيا أم في الآخرة { إلى ما عملوا من عمل } أي : من مكارم الأخلاق من الجود وصلة الرحم وإغاثة الملهوف ونحو ذلك { فجعلناه } لكونه لم يؤسس على الإيمان ، وإنما هو للهوى والشيطان { هباءً } وهو ما يرى في شعاع الشمس الداخل من كوّة مما يشبه الغبار { منثوراً } أي : مفرقاً أي : مثله في عدم النفع إذ لا ثواب فيه لعدم شرطه ويجازون عليه في الدنيا ، فتكون النار مستقرهم ومقيلهم .