{ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ } هذا وعيد آخر ، وذلك أنهم كانوا يعملون أعمالا لها صور الخير ، من صلة الرحم ، وإغاثة الملهوف ، وإطعام الطعام ، وأمثالها ولم يمنع من الأثابة عليها إلا الكفر ، الذي هم عليه فمثلت حالهم وأعمالهم ، بحال قوم خالفوا سلطانهم ، واستعصوا عليه ، فقدم إلى ما معهم من المتاع فأفسده ، ولم يترك منه شيئا ، وإلا فلا قدوم ههنا أو هو من الصفات ، كالمجيء والنزول ، فيجب الإيمان به من غير تأويل ، ولا تعطيل ، ولا تكييف ولا تشبيه ، ولا تمثيل ، كما هو مذهب السلف الصلحاء ، وهو الحق .
قال الواحدي : معنى قدمنا عمدنا ، وقصدنا ، يقال : قدم فلان إلى أمر كذا إذا قصده ، أو عمده ، وقيل هو قدوم الملائكة أخبر به عن نفسه تعالى والقصد في حق الله يرجع لمعنى الإرادة .
{ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا } أي باطلا ، لا ثواب له ، لأنهم لم يعملوا لله عز وجل ومنه الحديث الصحيح ( كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد ) {[1317]} والهباء واحده هباءة ، والجمع أهباء . قال النضر بن شميل : الهباء التراب الذي تطيره الريح ، كأنه دخان . وقال الزجاج : هو ما يدخل من الكوة مع ضوء الشمس شبه الغبار . وكذا قال الخليل ، والأزهري . وقال ابن عرفة : الهباء ، والهبوة التراب الدقيق . وقيل هو ما يسطع من حوافر الدواب ، عند السير من الغبار ، وعن علي قال : الهباء شعاع الشمس ، الذي يخرج من الكوة ، وعنه الهباء وهج الغبار ، يسطع ، ثم يذهب ، فلا يبقى منه شيء .
وعن ابن عباس قال : الهباء الذي يطير من النار إذا اضطرمت يطير منها الشرر ، فإذا وقع لم يكن شيئا ، وعنه قال : هو ما تسفي الريح ، وتبثه من التراب وحطام الشجر ، وعنه هو الماء المهراق ، والمعنى الأول هو الذي ثبت في لغة العرب ، ونقله العارفون بها ، والمنثور المفرق ، والمعنى أن الله سبحانه أحبط أعمالهم حتى صارت بمنزلة الهباء المنثور ، لم يكتف سبحانه بتشبيه عملهم بالهباء حتى وصفه بأنه متفرق متبدد ، وبالجملة هو استعارة عن جعله بحيث لا يقبل الاجتماع ولا يقع به الانتفاع . إذا لا ثواب فيه ، لعدم شرطه ويجازون عليه في الدنيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.