الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَقَدِمۡنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنۡ عَمَلٖ فَجَعَلۡنَٰهُ هَبَآءٗ مَّنثُورًا} (23)

وعن مجاهد : { وقدمنا } أي : عمدنا ، انتهى .

قال ( ع ) : { وقدمنا } [ الفرقان : 23 ] .

أي : قصد حكمنا وإنفاذنا ونحو هذا من الألفاظ اللائقة ، ومعنى الآية : وقصدنا إلى أعمالهم التي لا تَزِنُ شَيْئاً فصيرناها هباءً ، أي : شَيْئاً لا تحصيلَ له ، والهباء : ما يتطايرُ في الهواء من الأجزاء الدقيقة ولا يكادُ يَرى إلاَّ في الشمس ، قاله ابن عباس وغيره ، ومعنى هذه الآية : جعلنا أَعمالهم لا حُكْمَ لها ولا منزلة ، ووصف تعالى الهباء في هذه الآية بمنثور ، ووصفه في غيرها بمُنْبَثٍّ فقالت فرقة : هما سواء ، وقالت فرقة : المُنْبَثُّ : أرَقُّ وأَدَقُّ من المنثورِ ، لأَنَّ المنثورَ يقتضي أَنَّ غيره نَثَرَهُ ، والمُنْبَثَّ كأنه انبثَّ من دِقَّتِهِ .