تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقَدِمۡنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنۡ عَمَلٖ فَجَعَلۡنَٰهُ هَبَآءٗ مَّنثُورًا} (23)

[ الآية 23 ] وقوله تعالى : { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا } هو ما ذكرنا من الأعمال [ التي ]{[14390]} عملوها في هذه الدنيا رجاء أن يصلوا إليها في الآخرة { فجعلناه هباء منثورا } قال أهل التأويل } أي وعمدنا ، وقصدنا إلى ما عملوا من عمل .

لكن عندنا : جعلنا أعمالهم تلك في الأصل { هباء منثورا } .

قال بعضهم : { هباء منثورا } : { هباء منبثا } [ الواقعة : 6 ] وهو رهج الدواب{[14391]} . وقال بعضهم : الهباء المنثور ، هو{[14392]} غبار الثياب . وقال بعضهم : هو الغبار الذي يكون في شعاع الشمس ، وهو{[14393]} الذي يسمى الذر .

وقل بعضهم : { حجرا محجرا } أي عوذا معاذا ؛ يقول : المجرمون ، يستعيذون من الملائكة .

قال أبو عوسجة : { وعتو عتوا كبيرا } هو من التكبر ، ويقال : من الخلاف عتا عتيا إذا خالف ، يقال في الكلام : لا تعت علي ، أي لا تخالفني ، وقال بعضهم : هو من الشدة واليبس كقوله : { وقد بلغت من الكبر عتيا } [ مريم : 8 ] ، أي يابسا . وقال : { حجرا محجورا } أي حراما محرما ، وحجرت عليه ماله ، أي منعته من ماله ، أحجر حجرا . ويقال : حجرت [ عينيه ، أي ]{[14394]} لطخت أجفانها بشيء من الدواء{[14395]} .

وقوله تعالى : { هباء منثورا } أي لا شيء ، والهباء هباء النار ، أي رماد يكون على أعلى النار إذا خمدت ، ويقال : هبت النار ، تهبوا هبوا إذا خمدت ، والجمرة على حالها إلا [ أنها قد غطاها ]{[14396]} ذلك الهباء ، وكل شيء ، ليس بشيء ، فهو هباء ، وتقول : هذا هباء ، أي لا شيء ، ومنثور ، قد نثر .


[14390]:- ساقطة من الأصل وم.
[14391]:- من م، في الأصل: الدابة.
[14392]:- في الأصل وم: وهو.
[14393]:- الواو ساقطة من الأصل وم.
[14394]:- من م، في الأصل: عيشه أو.
[14395]:- من م، في الأصل الغداوة.
[14396]:- في الأصل وم: إنه قد غطاه.