الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{مَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِهِۦٓ إِلَّآ أَسۡمَآءٗ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (40)

وقوله : { مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً } [ يوسف : 40 ]

أي : مسمَّيات ، ويحتملُ وهو الراجحُ المختار أن يريد ما تَعْبُدُون من دونه ألوهيَّة ، ولا لكُمْ تعلُّق بإله إِلا بحَسَبِ أنْ سمَّيْتُمْ أصنامكم آلهةً ، فليستْ عبادتكم للَّه إِلا بالاسم فقطْ لا بالحقيقة ، وأما الحقيقة : فَهِيَ وسائرُ الحجارة والخَشَب سواءٌ ، وإِنما تعلَّقت عبادتكم بحَسَبِ الاسم الذي وضعت ، فذلك هو مبعودُكُمْ ، ومفعولُ «سميتم » الثاني محذوفٌ ، تقديره : آلهة ؛ هذا على أن الأسماء يراد بها ذواتُ الأصنام ، وأما على المعنى المُخْتارِ من أنَّ عبادتهم إِنما هي لمعانٍ تعطيها الأسماءُ ، وليسَتْ موجودةً في الأصنام ، فقوله : { سَمَّيْتُمُوهَا } بمنزلةِ وضَعْتُمُوهَا ، { إِنِ الحكم إِلاَّ لِلَّهِ } أي ليس لأصنامكم ، و { القيم } : معناه المستقيمُ ، و{ أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ } لجهالتهم وكُفْرهم ،