الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوٓاْ ءَالِهَتَكُمۡ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ} (68)

فقالوا : { حَرِّقوه } [ الأنبياء : 68 ] .

رُوِيَ : أَنَّ قائل هذه المقالة هو رجل من الأَكْرَادِ من أعرابِ فارس ، أي : من باديتها ، فَخَسَفَ اللَّه به الأَرض ، فهو يتجلجلُ فيها إلى يومِ القيامة ، وروي : أَنه لما أجمع رأيهم على تحريقه حَبَسَهُ نمرودُ الملكُ ( لعنه اللَّه ) وأَمر بجمع الحَطَبِ حتى اجتمع منه ما شاءَ اللَّه ، ثم أضرم ناراً فلما أرادوا طرحَ إِبراهيمَ فيها لم يقدروا على القرب منها ، فجاءهم إبليسُ في صورة شيخ فقال لهم : أنا أصنع لكم آلةً يُلْقَى بها ، فَعَلَّمَهُمْ صنعة المِنْجَنِيقِ ، ثم أُخْرِجَ إبراهيمُ عليه السلام فشد رباطاً ووُضِعَ في كفَّةِ المنجنيق ورُمِيَ به فتلقَّاهُ جبريلُ عليه السلام في الهواءِ ، فقال له : ألك حاجة ؟ فقال : أمَّا إليك فلا ، وأَمَّا إلى اللَّه فبلى .

( ت ) قال ابنُ عطاء اللَّه في «التنوير » : وكنْ أَيُّها الأَخْ إبراهيميّاً ؛ إذْ زُجَّ به في المنجنيق ، فتعرَّض له جبريل فقال : ألك حاجة ؟ فقال : أما إليك فلا ، وأما إلى ربي ، فبلى ، قال : فَاسْأَلْهُ . قال : حسبي من سؤالي علمه بحالي ، فانظرْ كيف رفع هِمَّتَهُ عن الخلق ، ووجَّهَهَا إلى الملك الحقِّ ، فلم يستغث بجبريل ، ولا احتال على السؤال ، بل رأى رَبَّهُ تعالى أقربَ إليه من جبريل ومن سؤاله فلذلك سَلَّمَهُ من نمرودَ ونكَالِهِ ، وأنعم عليه بنواله وأفضاله . انتهى .