الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَلَوۡلَآ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُسَبِّحِينَ} (143)

وقوله سبحانه : { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين } قيل : المرادُ : القائلينَ : سُبْحَانَ اللَّهِ في بَطْنِ الحُوتِ ؛ قاله ابن جُرَيْجٍ ، وقالتْ فِرْقَةٌ : بَلِ التَّسْبِيحُ هنا الصَّلاَةُ ، قال ابن عبَّاس وغَيْره : صَلاَتُهُ في وَقْتِ الرِّخَاءِ نَفَعَتْهُ في وَقْتِ الشِّدَّةِ ؛ وقال هذا جماعةٌ من العلماءِ ، وقال الضَّحَّاك بن قَيْسٍ على مِنْبَرِهِ : اذْكُرُوا اللَّه ؛ عباد اللَّه ؛ في الرَّخَاءِ يَذْكُرْكُمْ في الشِّدَّةِ ، إن يُونَسَ كانَ عَبْداً للَّهِ ذَاكِراً له ، فَلَمَّا أصابَتْهُ الشِّدَّةُ نَفَعُه ذلك ، قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ : { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين } { لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } ، وإن فرعونَ كانَ طَاغِياً بَاغِياً فَلَمَّا أدْرَكَهُ الغَرَقُ ، قَال : آمَنْتُ ، فَلَمْ يَنْفَعْهُ ذلكَ ، فاذكروا اللَّهَ في الرَّخَاءِ يَذْكُرْكُمْ في الشِّدَّةِ ، وقال ابن جُبَيْرٍ : الإشارَةُ بقولهِ : { مِنَ المسبحين } إلى قوله : { لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سبحانك إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين } [ الأنبياء : 87 ] .