الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{فَلَوۡلَآ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُسَبِّحِينَ} (143)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فلولا أنه كان} قبل أن يلتقمه الحوت.

{من المسبحين} من المصلين قبل المعصية، وكان في زمانه كثير الصلاة والذكر لله جل وعز.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره:"فَلَوْلا أَنَّهُ" يعني يونس "كَانَ مِنَ "المُصَلِّينَ لله قبل البلاء الذي ابتُلي به من العقوبة بالحبس في بطن الحوت "لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" يقول: لبقي في بطن الحوت إلى يوم القيامة، يوم يبعث الله فيه خلقه محبوسا، ولكنه كان من الذاكرين الله قبل البلاء، فذكره الله في حال البلاء، فأنقذه ونجَّاه.

وقد اختلف أهل التأويل في وقت تسبيح يونس الذي ذكره الله به،

فقال "فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ"؛

فقال بعضهم نحو الذي قلنا في ذلك...عن قتادة "فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ": كان كثير الصَّلاةِ في الرّخاء، فنجَّاه الله بذلك; قال: وقد كان يقال في الحكمة: إن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا ما عَثَر، فإذا صُرع وجد متكئا...

وقيل: إنما أحدث الصلاة التي أخبر الله عنه بها، فقال: "فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ" في بطن الحوت..

وقال بعضهم: كان ذلك تسبيحا، لا صلاة...

عن سعيد بن جُبَير: "فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ" قال: قال: "لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" فلما قالها، قذفه الحوت، وهو مغرب...

عن قتادة، قوله "لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ": لصار له بطن الحوت قبرًا إلى يوم القيامة.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

يحتمل قوله: {فلولا أنه كان من المسبّحين} لربه قبل ذلك ومن المصلين له {للبِث في بطنه إلى يوم يبعثون} ولذلك قيل: من عمل لله تعالى في حال الرخاء نفعه الله بذلك في حال البلاء، ويرفعه إذا عثر. ويحتمل في بطن الحوت، وهو قوله: {فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} {فاستجبنا له ونجّيناه من الغم} [الأنبياء: 87 و88].

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

التسبيح التنزيه عما لا يليق ولا يجوز في صفته، ويقال: سبح الله يسبح تسبيحا إذا قال: سبحان الله معظما له بما هو عليه من صفات التعظيم، نافيا عنه مالا يليق به ولا يجوز عليه من صفات المخلوقين والمحتاجين...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

ثم اللَّهُ رَاعَى حقَّ تَعَبُّدِه، وحَفِظَ ذِمامَ ما سَلَفَ له أداء حقَّه؛ فإن كَرَمَ العَهْدِ فينا من الإيمان، وهو مِنَّا من جملة الإحسان، فالمؤمن قد أخذ من اللَّهِ خُلُقاً حسناً بذلك ورد الخبر.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

عن ابن عباس: كل تسبيح في القرآن فهو صلاة...

وهذا ترغيب من الله عزّ وجلّ في إكثار المؤمن من ذكره بما هو أهله، وإقباله على عبادته، وجمع همه لتقييد نعمته بالشكر في وقت المهلة والفسحة، لينفعه ذلك عنده تعالى في المضايق والشدائد.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما وقع ما وقع فتجرد عن نفسه وغيرها تجرداً لم يكن لأحد مثل مجموعه لا جرم، زاد في التجرد بالفناء في مقام الوحدانية فلازم التنزيه حتى أنجاه الله تعالى، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: {فلولا أنه كان} أي خلقاً وخلقاً.

{من المسبحين} أي العريقين في هذا المقام، وهو ما يصح إطلاق التسبيح في اللغة عليه من التنزيه بالقلب واللسان والأركان بالصلاة وغيرها؛ لأن خلقه مطابق لما هيىء له من خلقه، فهو لازم لذلك في وقت الرخاء والدعة والخفض والسعة، فكيف به في حال الشدة.

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

من الذاكرين الله تعالى كثيراً بالتسبيح، والأولى حمل زمان كونه من المسبحين على ما يعم زمان الرخاء وزمان كونه في بطن الحوت؛ فإن لاتصافه بذلك في كلا الزمانين مدخلاً في خروجه من بطن الحوت المفهوم من قوله تعالى: {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين}...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

... فأنجاه الله بسبب تسبيحه وتوبته فقذفه الحوت من بطنه إلى البر بعد أن مكث في جوف الحوت ثلاث ليال، وقيل: يوماً وليلة، وقيل: بضع ساعات.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

التسبيح يعني: التنزيه المطلق لله تعالى فكوْنه من المسبحين جعله موضعاً للَّوْم والعتاب، لا للإيذاء والعذاب، فلولا إيمانه وتسبيحه لَظَلَّ في بطن الحوت إلى يوم يُبْعَثُون.

مسألة عتاب الحق سبحانه لنبيه يونس على تركه لقومه وتخلِّيه عنهم، لمجرد أنهم عاندوه وكذَّبوه يُذكِّرنا بسنة الله تعالى في رسُله، وهي النُّصْرة والتأييد {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر: 51].

لكن قد يتأخر هذا النصر، مع أن الله قادر أنْ ينصرهم من أول وهلة، لكن الحق سبحانه يريد بذلك أمرين:

أولاً: أنْ يستشريَ الفسادُ ويعُمَّ، حتى يضيق الناس به فيتطلَّعون إلى الحق وإلى الخير، ويَسعَوْنَ هم إليه.

ثانياً: ليُمحِّص اللهُ المؤمنين بالرسل، ويميز منهم أصحاب الثبات والقدرة على تحمُّل مشاقِّ الدعوة فيما بعد. إذن: تأخُّر النّصْرة ليس خُذْلاناً للرسل، ولا تخلياً عنهم، فما كان الله تعالى ليرسل رسولاً ويتخلَّى عنه

أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري 1439 هـ :

من الهداية:

- فضل الصلاة والذكر والدعاء والتسبيح وعظيم نفعها عند الوقوع في البلاء.

- تقرير مبدأ "تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة"...