الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُدۡحَضِينَ} (141)

فَرُوِيَ عَنِ ابنِ مسعودٍ ؛ أنه لمَّا حَصَلَ في السفينةِ ، وأبْعَدَتْ في البحرِ ، رَكَدَتْ وَلَمْ تَجْرِ ؛ وغيرُها من السُّفُن يجري يميناً وشِمالاً ، فقال أهلها إنَّ فينا لصَاحبَ ذَنْبٍ وَبِهِ يَحْبِسُنَا اللَّهُ تعالى ، فقالُوا : لِنَقْتَرِعْ ، فأَخَذُوا لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْماً ، واقترعوا فَوَقَعَتِ القُرْعَةُ عَلى يونُسَ ، ثَلاَثَ مراتٍ ، فَطَرَحَ حينَئِذٍ نَفْسَهُ ، والْتَقَمَهُ الحُوتُ ، ورُوي أَنَّ اللَّهَ تعالى أَوْحَى إلى الحوتِ أَني لَمْ أَجْعَلْ يُونُسَ لَكَ رِزْقاً ، وإنما جَعَلْتُ بَطْنَكَ لَه حِرْزاً وسِجْناً ، فهذا معنى { فساهم } .

و( المُدْحَضُ ) : المغلوبُ في مُحَاجَّةٍ أوْ مَسَاهَمَةٍ ، وعبادةُ ابنِ العَرَبِيِّ في «الأحكام » : «وأوْحَى اللَّه تعالى إلى الحُوتِ : إنا لَمْ نَجْعَلْ يونُسَ لَكَ رِزْقاً ، وإنما جعلنا بَطْنَكَ له مَسْجِداً الحديثَ ، انتهى ، ولَفْظَةُ «مَسْجِدٍ » : أَحْسَنُ من السِّجْنِ ، فَرَحِمَ اللَّهُ عَبداً لَزِمَ الأَدَبَ لاسِيَّمَا مَعَ أنْبِيَائِهِ وأَصْفِيائِه ، و{ مُلِيمُ } : الّذِي أتَى مَا يُلاَمُ عَلَيه ؛ وبذلك فَسَّر مجاهدٌ وابنُ زيد .