الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ} (10)

وقوله تعالى : { والذين جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ } الآية : قال جمهور العلماء : أراد مَنْ يجيء من التابعين وغيرهم إلى يوم القيامة ، وقال الفرَّاءُ : أراد الفرقة الثالثة من الصحابة ، وهي مَنْ آمن في آخر مُدَّةِ النبي صلى الله عليه وسلم .

وقوله : { يَقُولُونَ } : حال فيها الفائدة ، والمعنى : والذين جاؤوا قائلين كذا ، وروت أُمُّ الدرداء ، وأبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كان يقول : «دَعْوَةُ المُسْلِمِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مَوَكَّلٌ ، كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ قَالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بِهِ : آمِينَ ، وَلَكَ مِثْلُهُ » رواه مسلم ، انتهى ، قال ( ع ) : ولهذه الآية قال مالك وغيره : إِنَّه مَنْ كان له في أحدٍ من الصحابة رأيُ سوءٍ أو بغض ، فلا حَظَّ له في فَيْءِ المسلمين ، وقال عبد اللَّه بن يزيد : قال الحسن : أدركت ثلاثمائةٍ مِنْ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم سبعون بَدْرِيًّا كُلُّهم يحدثني أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال : «مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإسْلاَمِ مِنْ عُنُقِهِ » فالجماعة أَلاَّ تَسُبّوا الصحابة ، ولا تماروا في دينِ اللَّه ، ولا تُكَفِّرُوا أَحداً من أَهْلِ التوحيد بذنب ، قال عبد اللَّه : فَلَقِيتُ أبا أمامة وأبا الدرداء وواثلةَ وأَنَساً ، فكلُّهم يحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث الحسن ، والغِلُّ : الحقد والاعتقاد الرديء .